القائمة

الرأي

انتخابات المجلس البلدي بمدينة إنزبروك النمساوية

بدأت الحملة الإنتخابية بمدينة إنزبروك النمساوية الواقعة في الجنوب الغربي للبلاد و التابعة لمنطقة التيرول بشكل عادي و لم تكن محط اهتمام خاص لا بالنسبة للرأي العام النمساوي و لا بالنسبة للجالية المغربية بالنمسا إلا بعد تلك الحملة المصعورة للحزب النازي الجديد على المغاربة و المس بكرامتهم بنعتهم باللصوص. و كان طبيعيا أن يتتبع المغاربة المقيمين بالنمسا عامة و القاطنين بهذه المدينة على وجه الخصوص نتائج هذه الإنتخابات يوم الأحد 14 أبريل الجاري، و كلهم أمل ألا يزكي الناخب النمساوي الإستراتيجية السياسية لحزب الأحرار المعادي للأجانب و للمغاربة. و قد أسفرت نتائج هذه الإنتخابات، التي لم تتعد المشاركة فيها 49 في المائة، على خارطة سياسية جد معقدة في المدينة و على عدم الحسم في اختيار عمدة المدينة، إلا بإجراء دور ثاني بين مرشحين من الحزب الديمقراطي المسيحي المحافظ.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

تنفس المغاربة الصعداء بعد الإعلان عن نتائج الإقتراع، التي و على الرغم من التقدم النسبي للحزب المعادي (زائد 3 في المأة تقريبا) ـ، أكدت بأن منطق العقل هو الذي حسم الأمور عند المقترع الإنزبروكي. فإذا كان الحزب المسيحي الديمقراطي المعتدل و الحزب المنشق عنه (لصالح إنزبروك) قد حصدا 43 في المائة من أصوات الناخبين و حصلا على 18 مقعد في المجلس البلدي من أصل 40، فإن حزب الخصر قد أصبح القوة السياسية الثالثة في هذه المدينة بحصوله على 19 في المأة من الأصوات، أي 8 مقاعد بالمجلس البلدي، في الوقت الذي لم تتعد فيه حصيلة حزب النازيين الجدد 7,7 ب المائة ، وحصوله على 3 مقاعد. و الخاسر الأكبر في هذه الإنتخابات كان هو الحزب الإشتراكي بخسارته لـ 5,1 في المائة و الذي لم تتعد أصوات الناخبين له 14,6 و هو ما يعادل 6 مقاعد. و قد أتت المفاجأة من حزب "القراصنة Piraten"، الذي تقدم لأول مرة للإنتخابات و حصل على 3,8 في المائة من الأصوات، التي خولت له الدخول التاريخي لمجلس بلدي نمساوي لأول مرة.

 إذا كانت الإنتخابات بمدينة إنزبروك قد انتهت، فإن مشكل المغاربة مع الحزب اليميني المتطرف لم تنته بعد، ذلك أن الساكنة المغربية بهذه المدينة قد رفعت شكوى ضد هذا الحزب بسبب ملصقاته المعادية لهم و من المنتظر أن تصبح هذه الشكوى دعوى قضائية، و هي شكوى صرحت التمثيلية الديبلوماسية المغربية بالنمسا أنها تساندها و تدعمها ماديا و معنويا. و السؤال الرائج في أوساط الجالية المغربية بالنمسا حاليا هو ما هو مصير هذه الدعوى و ما هو سر السكوت المفاجأ لديبلوماسيتنا بالنمسا؟ هل سيقبر هذا الملف في الدهاليز الملتوية للدبلوماسية، التي اكتفت باعتذار قائد انتخابات الحزب المتطرف بإنزبروك و غضت النظر عن التصريحات المهولة لقادة هذا الحزب على الصعيد الإقليمي و الوطني، الذين لم يسحبوا تصريحاتهم المختلفة المؤيدة لمضمون الملصق السابق الذكر؟ ما هو سر عدم رد المسؤولين المغاربة في السفارة بفيينا على محاولات الإتصال بيهم من طرف جاليتنا بهذه المدينة فيما يتعلق بسير الشكوى المذكورة؟ أطبيعي أن تترك سفارتنا مغاربة إنزبروك وجها لوجه مع هذا الملف و مع مصاريف المحامي الذي اختاروه للدفاع عن قضيتهم و من المعلوم أن السفارة كانت قد وعدتهم بتحمل مصاريف الدفاع في هذه القضية؟ أيعقل أن يترك الوزير المكلف بالمهاجرين مغاربة النمسا لوحدهم في محنتهم و لا يكلف نفسه عناء زيارتهم ـ و هذا أقل الإيمان ـ على الرغم من أنه كان في تلك الآونة في بروكسيل؟ ألم يصرح بهذه المدينة أمام الملأ بأن: "البرنامج الحكومي خصص مكانة هامة للعمال المغاربة المقيمين بالخارج ويهدف إلى تعزيز أواصر الجالية المغربية المقيمة بالخارج مع وطنهم الأم"؟ أية أواصر يتحدث عنها المرء في سياسة الهجرة للحكومة الجديدة؟ أ أواصر البراغماتية النفعية التي طغت على تعامل الحكومات المغربية مع مهاجريها على مدى السنين و التي لم تخرج منها الحكومة الجديدة، كما يمكن أن نفهم من قول السيد الوزير عبد اللطيف معزوز في نفس اللقاء ببروكسيل: "ودعا في هذا الصدد أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج إلى المساهمة في جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، حاثا إياهم على الاستثمار في المملكة التي تتيح فرصا حقيقية في عدد من القطاعات." (منقولة عن جريدة مغربية)؟

ما تعلمه مغاربة النمسا من محنتهم الأخيرة في إنزبروك هو عدم التعويل على سفارتهم بفيينا و هم ماضون قدما لإتمام ما بدأوه لإعادة الإعتبار لكرامتهم، بكل الوسائل القانونية المتاحة، و عدم السماح لأي أحد المس بها و جرها في الوحل بالمناسبة و بغير المناسبة.

منبر

الدكتور حميد لشهب
عضو المجلس البلدي لمدينة فيلدكرخ النمساوية
حميد لشهب