تجسيدا منهم لروح التعايش والتسامح بين الديانات، أطلق مجموعة من الأشخاص من مختلف الأعمار والمعتقدات، مبادرة إنسانية من أجل تنظيف وتأهيل المقبرة المسيحية بمدينة الصويرة.
فبفعل عامل الزمن وتدخل الانسان، صارت المقبرة، التي يعود تاريخها إلى أكثر من ثلاثة قرون، مكانا مليئا بالأزبال، ووجهة مفضلة للمشردين والحيوانات الضالة.
ويقف وراء هذه المبادرة، سعيد بركة، وهو كاتب وشاعر وفنان. قال في تصريح لموقع يابلادي "ذهبنا إلى المقبرة يوم 31 غشت من أجل دفن زوجة صديق لي، لنكتشف أن المقبرة أصبحت عبارة عن مزبلة، وهو ما حز في نفسي كثيرا".
وقرر سعيد بعدها التقاط صور توثق للحالة التي كانت عليها المقبرة، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وجعلها بمثابة نداء لرد الاعتبار لهذا الفضاء التاريخي. وبعد التفاعل الكبير مع صور المقبرة، أخذ زمام المبادرة رفقة أصدقاء له من المغاربة والأوروبيين المقيمين بالمدينة لإعادة تأهيلها.
"كما أن للإنسان الحق في العيش بكرامة، فإن له الحق أيضا أن يوارى الثرى بعد مماته في مكان يحفظ له كرامته أيضا، مهما كانت معتقداته".
وشارك في المبادرة التي انطلقت فعليا يوم الاثنين 14 شتنبر، خمسة متطوعين فقط، ليرتفع العدد في غضون ثلاثة أيام ويصبح سبعة عشر، بفضل مواقع التواصل الاجتماعي. وقال سعيد "بالإضافة إلى هؤلاء المتطوعين، وجهنا الدعوة لأربعة شبان من أجل مساعدتنا بمقابل مادي".
واعتمادا على تمويلهم الذاتي والتبرعات، قاموا بشراء المعدات اللازمة لبدء الأشغال التي ستنتهي يوم غد.
"هذه المبادرة تجسد قيم التعايش والتسامح التي عرفت بها المدينة قديما، إذ تضم مسلمين ومسيحيين ويهود، يعملون من أجل هدف واحد"
وبالإضافة إلى تنظيف المقبرة من الأوساخ، يقوم المتطوعون بتشوير المسالك وأيضا زراعة الأزهار، لتخليص المكان من وحشته.
يشار إلى أنه في شتنبر من سنة 2019 تم تأسيس جمعية برئاسة مواطن فرنسي، تهدف لإعادة تأهيل المقبرة لكنها لم تباشر الأشغال إلى حدود اللحظة.
يذكر أن بناء مدينة الصويرة بشكلها الحالي يعود إلى السلطان محمد العلوي محمد بن عبدالله، حيث أضحت آنذاك مركزا صناعيا وتجاريا كبيرا، وأصبح ميناؤها من أهم موانئ المنطقة، ما جعلها مكانا للتعايش بين الديانات السماوية الثلاث، لذلك كان من الطبيعي أن تحتوي على مقبرة مسيحية و يهودية الى جانب المقابر الإسلامية.