اعتبرت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها في تقريرها السنوي الأول برسم سنة 2019، أن جهود مكافحة الفساد تفتقد النجاعة القادرة على خلق الأثر الايجابي المنتظر على حياة المواطنين والفاعلين الاقتصاديين.
ولاحظت الهيئة في تقريرها الذي يقع في 200 صفحة، أنه بالرغم من المجهودات المبذولة والإنجازات المحققة التـي التي لا يمكن إغفالهـا و الاسـتهانة بهـا، تبقى النتائج مفتقدة لمستوى النجاعة المطلوبة القادرة عـى خلـق الأثر الإيجـابي المنتظر على حيـاة المواطنين والفاعلـين الاقتصادييـن، مما ينعكس فعليا علــى مسـتويات النمـو الكفيلة بتحقيق سبل العيش الكريم لمختلف الشرائح الاجتماعية.
وحسب التقرير، فإن التشخيص المعمق الذي قامت به الهيئة للمؤشرات والعوامـل المؤثـرة عـلى وضـع الفسـاد بالمغرب، يأتي لتسليط الضـوء عـلى مجموعــة مــن الجوانب التي من شـأنها أن تسـاهم في تفسيـر هـذه الوضـع، إذ يؤكـد أن مسـتويات الفسـاد عرفـت خلال سـنة 2019 "منحـى تصاعديـا رسـخ الوضـع المتراجع للمغـرب بخصـوص هـذه الآفـة"، حيـث ظـل يراوح مكانة غيـر مرضيـة في الدرجـات والتصنيفـات الدوليـة ذات الصلـة خلال السـنوات العشـر الأخـيرة، وما رافـق ذلـك مـن تكريـس لتراجع ثقـة المواطنين في السياسـات المتبعة في مجـال الوقايـة ومحاربـة الفسـاد، بنسـب غـير مسـبوقة حسـب المؤشرات المعتمدة بهـذا الخصـوص.
وفي هذا السياق، دعت الهيئة إلى ضرورة النهــوض بديناميــة جديــدة في المجهوذات المبذولة في هــذا الشــأن، لرفــع منســوب مفعولهــا، خاصــة مــن خلال تقويــة اســراتيجية الدولــة في مجــال مكافحــة الفســاد في اتجــاه تدعيــم ركائزهــا عـلـى رؤيــة شــاملة ومعبئــة، تحــدد أولويــات مدققــة لاســتهداف البرامج والمشـاريع والعمليـات الكفيلـة بتحقيـق الأثر الملموس عـى المواطنين والمستثمرين وسـائر المعنيين.
كمـا يتوجـب ، وفق التقرير ، مواكبـة هـذه الاسـراتيجية بتعزيـز الترسانة القانونيـة والمؤسساتية وفـق رؤيـة تسـتهدف النجاعـة والأمن القانـوني، وتؤطرها مبادئ التضامـن والتعاون والتكامل والتنسـيق المحكم بين سـائر الفاعليـن مـن قطـاع عـام وخـاص وسـلطات إنفـاذ القانـون وهيئـات معنيـة ومجتمـع مـدني وإعـلام، كل حسـب أدواره ومسـؤولياته.
وأكدت الهيئة ، في هذا الصدد ، حتميــة المراجعة العميقــة للقانــون المتعلق بالهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا، لتمكينهــا مــن الاضطلاع بدورهــا المحوري في إذكاء الديناميــة المطلوبة في هـذا المجهوذ الجماعـي، خاصـة مـن خلال التفعيـل القانوني الأمثل لمهامهـا الدسـتورية في المبـادرة والإشراف والتنسـيق وضمـان تتبـع تنفيـذ السياسـات والبرامـج والاجـراءات ذات الصلـة، إلى جانـب مسـاهمتها الفعليـة والفعالـة في تخليـق الحيـاة العامـة وتثبيـت مبـدأ سـمو القانـون.
واعتبرت ، مـن خلال مختلـف إنجازاتهـا المسطرة في هـذا التقريـر ، أن السـياق الوطنـي العـام يتيـح حاليـا فرصـا كفيلـة بـإذكاء ديناميـة جديـدة وقويـة في المكافحـة الناجعـة لآفـة الفسـاد، شريطـة تثبيـت القناعـة المشـركة الكامنة في اعتبار الحكامـة وممارسات الفسـاد عقبـة كابحـة للاختيـار الديموقراطـي وللمسـار التنمـوي للبـلاد.