سمح اتفاق السلام الذي تم بين الإمارات العربية المتحدة والدولة العبرية في 13 غشت الماضي، بعودة الإسلاميين بقوة إلى الساحة السياسية، إذ تولوا قيادة الاحتجاج على هذه الخطوة، في ظل تراجع القوميين، وذلك من خلال إصدار الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه المغربي أحمد الريسوني، فتوى "تحريم الصلح والتطبيع مع محتلي الأقصى".
وتنص الفتوى على "تحريم" إقامة علاقات مع إسرائيل، وتصفها بـ"الخيانة" وجاء فيها أن "التنازل عن أرض الإسلام وبخاصة المسجد الأقصى، والقدس، والأرض المباركة هو مخالف لثوابت الإسلام، بل لثوابت العقل والفطرة، وحتى القوانين الأممية تمنع الاحتلال وتشرع مقاومة الاستعمار والمحتلين بجميع الوسائل المتاحة".
وتم تعزيز هذا الرأي الديني بآيات من القرآن، مثل الآية 39-40 من سورة الحج، وأضاف البيان إن "الرضا بجرائم الصهاينة من القتل شبه اليومي والتشريد لأهل فلسطين، واخراجهم من أرضهم وديارهم يخرم ثوابت الإسلام فالله تعالى شرع الجهاد لأجل الدفاع عن المظلومين الذين أخرجوا من ديارهم والدفاع عن المقدسات".
ووقع 500 عالم ومؤسسة علمائية على فتوى تحرم التطبيع مع الاحتلال، عقب مشاركتهم في مؤتمر عقده الاتحاد العالمي تحت عنوان "هذا بلاغ من علماء المسلمين".
وأيدت شخصيات مغربية الفتوى التي أطلقها الاتحاد. ومن بينهم عبد العالي حامي الدين، المستشار البرلماني لحزب العدالة والتنمية، وعادل رفوش، مدير مؤسسة ابن تاشفين للدراسات والأبحاث في مراكش والمقرب من حزب العدالة والتنمية، ورشيد فلولي منسق المبادرة المغربية للدعم والنصرة التابعة للعدل والإحسان، وعزيز هناوي، الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع.
علماء دين يبررون
بالمقابل حاول بعض علماء الدين إضفاء الشرعية الدينية على سياسة حكامهم الداعمين للتطبيع مع إسرائيل ويتضح ذلك من خلال خطبة إمام الحرم المكي، عبد الرحمن السديس، ليوم 5 شتنبر الماضي.
وقال السديس في خطبته "من التنبيهات المفيدة في مسائل العقيدة، عدم الفهم الصحيح في باب الولاء والبراء، ووجود اللبس فيه بين الاعتقاد القلبي وحسن التعامل في العلاقات الفردية والدولية".
وأضاف "لا يتنافى مع عدم موالاة غير المسلم، معاملته معاملة حسنة تأليفا لقلبه واستمالة لنفسه، للدخول في هذا الدين (الإسلام)". واستشهد السديس بوقائع حدثت مع نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم وقال: "مات النبي ودرعه مرهونة عند يهودي، وعامل يهود خيبر على الشطر مما يخرج من زروعهم وثمارهم، وأحسن إلى جاره اليهودي مما كان سببا في إسلامه".
وتابع خطيب الحرم المكي "حين يُغفل منهج الحوار الإنساني، تسود لغة العنف والإقصاء والكراهية".
ولكن وإلى غاية الآن، لم يصدر المعسكر المؤيد للتطبيع، فتوى تجيز إقامة علاقات مع إسرائيل، لمواجهة فتوى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
وفي ظل هذه الأجواء، تستعد تشاد بدورها لإقامة علاقات دبلوماسية مع الدولة العبرية، حيث استقبل بنيامين نتنياهو، يوم الثلاثاء الماضي، وفداً تشاديا برئاسة أحد أبناء الرئيس إدريس ديبي إتنو، وأحمد كوغري رئيس جهاز الاستخبارات في هذا البلد الذي يعتبر عضوا في منظمة التعاون الإسلامي.