يعتبر أيوب الوهراني، من الفلاحين المغاربة القلائل الحاصلين على دبلوم في تربية الحيوانات والفلاحة، ويعمل حاليا في مزرعة للألبان في هولندا. كما أنه لا يخف اعتزازه وفخره بمهنته، التي يقول إنها لا تزال غير متاحة بشكل كبير للخريجين ثنائيي الجنسية، لكنه رغم ذلك تمكن من فرض ذاته وكسب ثقة زملائه.
وقال هذ الشاب البالغ من العمر 22 عامًا في تصريحه لموقع يابلادي، إنه تقدم لـ"12 مزرعة للحصول على تدريب في نهاية الدراسة"، قبل أن يتم قبوله في الثالثة عشرة التي قررت توظيفه في آخر المطاف. وأوضح قائلا "كان الأمر صعبًا للغاية بل ومرهقًا في وقت ما، لكنني كنت مصممًا على دخول إحدى المزارع لتربية الأبقار لصقل مهاراتي".
وتابع الفلاح الذي ترعرع في أمستردام، حديثه قائلا "هناك الكثير من الأفكار النمطية السلبة عن الشباب الهولندي من أصول مغربية هنا، بسبب الأخبار التي يتم نشرها في الصحف، حول قضايا الجرائم".
ويصف أيوب الوهراني القطاع الفلاحي بأنه "أكثر انغلاقًا على الأجانب" وأضاف "غالبًا ما يكون أصحاب المزارع من السكان المحليين، ويعيشون في أراضيهم بعيدًا عن الوسط الحضري" ولذلك فإن الصور النمطية التي يتم نقلها عن الهولنديين من أصل مغربي والتي يسمعون بها أو يقرؤونها في الصحف، تبقى سلبية "لأنهم لا يعرفون المغاربة شخصيًا ولكنهم يقرؤون كثيرًا عنهم".
لكن أيوب تمكن من تغيير هذه الأفكار السائدة في وقت وجيز، وأصبح أرباب عمله يكلفونه بالعديد من المسؤوليات، وقال "أعوضهم في غيابهم في كل ما يتعلق بإدارة الممتلكات ووضمان تسيير جميع الخدمات" بالإضافة إلى "الاعتناء بكل ما يتعلق بالمزرعة والمعدات وصحة المواشي باستخدام معايير فنية وعلمية وبيئية، وكذلك جودة الإنتاج والأرض" وهو ما يعتبره "دورا يتطلب الكثير من اليقظة والصرامة".
لأكثر من عامين، أصبح هذا الانضباط يطبع الحياة اليومية للفلاح الشاب وقال "أستيقظ كل يوم في الساعة الخامسة صباحًا لتفقد الحالة الصحية للأبقار، ومدهم بالأكل، واللقاحات إذ كان الأمر يستدعي ذلك، ثم تبدأ عملية حلبها وبعد ذلك تخزين الحليب في ظروف جيدة، ليتم تسليمه بعد ذلك إلى المشترين".
بدأ ولع وحماس أيوب بعالم الفلاحة، منذ سنوات دراسته الثانوية وقال "في الوقت الذي كان علي أن أختار التخصص الذي أطمح لمزاولته، اختار معظم زملائي في الفصل مجال التسويق أو هندسة الكمبيوتر أو الاقتصاد أو الرياضة" آنذاك تساءل لماذا لا يختار توجهًا لا يقبل عليه الطلاب كثيرا، ولكن في نفس الوقت يضمن له مستقبل جيد، والعيش بشكل أفضل، بل ويمكنه في يوم من الأيام من العمل في المغرب.
ويحكي أيوب، أنه في نهاية دراسته الثانوية، تقدم بطلب تدريب في عدة مزارع، إلى أن تم قبوله في إحداها، وبالموازاة مع ذلك، كان يتابع دراسته في مجال الزراعة في جامعة بألكمار. ولتقريبه سكان المدن من حياة المزارع، أطلق الفلاح المغربي مؤخرًا قناة على يوتيوب، ينشر فيها تفاصيل حياته اليومية وعمله داخل المزرعة.
ويحلم أيوب حاليا في إعادة استثمار قطعتين من الأرض يملكها والده ووالدته في مدينة آسفي، وهي الفكرة التي لم تفارق ذهنه، خصوصا خلال الأزمة الصحية المرتبطة بوباء كورونا المستجد، إذ يرغب في إنشاء مزرعته الخاصة استنادا إلى خبرته المكتسبة في هولندا.
من خلال ذلك، يهدف أيضًا إلى تزويد الشركات المغربية الأخرى بمواد خام عالية الجودة، تشمل الحليب وتربية المواشي وربما الزيتون أو الأركان.
لطالما كان حلمي أن أعود إلى وطني. منذ طفولتي كنا نذهب ثلاث مرات في السنة إلى منطقة آسفي. وفي المنزل بأمستردام، كان والدي يمنعنا من التحدث بأي لغة أخرى غير العربية. لذلك حافظنا أنا وأخي الصغير على روابط وثيقة جدًا بأرض الوالدين، بالإضافة إلى أن عائلتنا الكبيرة متواجدة هناك".
وقال أيوب إن من الذكريات التي لايزال يحتفظ ، من فترة تدريب قام به في مدينة الوليدية بالمغرب "عملت في مزرعة لبضعة أشهر في إطار تدريب في مجال تخصصي. وخلالها أعجبت كثيرًا بالبعد الإنساني للعلاقات التي كانت بيني وبين أصحاب العمل وزملائي في مكان العمل ".
إنه نفس جو الدفء البشري الذي يأمل الفلاح المغربي في أن يعيد خلقه، عندما تتاح له الفرصة في تحقيق حلمه وتحويله إلى واقع في المغرب وقال "أنشأت علاقات صداقة هنا، لكنني أحيانًا أفتقد هذا الدفء في المجال المهني، خاصة عندما تعمل لأيام طويلة وبمفردك في بعض الأحيان" وأنهى حديثه قائلا "أفضل الجو الذي يطبعه العمل الجماعي، وعندما يتحدث الزملاء ويضحكون مع بعضهم البعض".