اشتكى طلبة مغاربة عالقون في الخارج، في تصريحات لموقع يابلادي من ظروفهم المادية والنفسية الصعبة، خصوصا بعدما انتهى موسمهم الدراسي، حيث طالبو السلطات المغربية بالإسراع في إعادتهم إلى وطنهم، لأنهم مهددون بخطر العيش في الشارع.
ومن بين هؤلاء الطلاب، سفيان وهو طالب جامعي في الهندسة المعمارية بمدينة جازان في السعودية، انتقل إلى هناك في إطار بعثة طلابية، وقال في تصريحه لموقع يابلادي "انتهت الدراسة قبل شهر وبالتالي توقفت المنحة التي أحصل عليها من الجامعة، كما أنه لم يعد أي شخص في الحرم الجامعي الذي أعيش به" لكن الأسوأ من ذلك، هو أن إدارة الجامعة طلبت منه مغادرة الحرم، لأنها بدأت بإيواء مرضى كورنا في الحي الجامعي، وهو ما يشكل خطرا على صحته.
ويحكي سفيان أن الأمر يزداد سواء في ظل الضغط الذي تمارسه عليه الإدارة وقال "أتلقى يوميا اتصالا منهم للاستفسار حول ما إذا كنت قد وجدت حلا مع السفارة المغربية، التي تخبرني في كل مرة أنه ليس باستطاعتهم ترحيلي. قالوا لي بلدك ولم تستطع مساعدتك، فنحن أيضا لا يمكننا إيوائك أكثر. فهذا أمر علينا تنفيذه".
"أنا في وضعية جد صعبة، خصوصا أنني لا أعرف أحدا هنا، إذا خرجت من هنا سوف أعيش في الشارع. حاليا فقط بعض زملائي هم من يقدمون لي الأكل".
لكن هذ الوضع لا يقتصر فقط على سفيان، إذ تواجه طالبة مغربية في الهندسة بجامعة في سيول بكوريا الجنوبية، تدعى سلمى* وتبلغ من العمر 26 عاما، خطر العيش في أيضا الشارع وقالت "لكي أستطيع توفير قوت يومي، كنت أشتغل في وظيفتين خاصة بالطلبة، بالموازاة مع تعليمي، وكان والدي يبعث لي المال".
لكن بعد ظهور الوباء في كوريا الجنوبية، توقفت عبير عن العمل، وظلت تعيش على الأموال الذي تتوصل بها من والدها لكن ذلك لم يدم لمدة طويلة "عند وصول الفيروس إلى المغرب، توقف والداي أيضا عن العمل، وبالتالي لم يكن بمقدورهما مساعدتي" وأضافت "حينها بدأ زملائي في الجامعة بجمع تكاليف الإيجار لمدة شهرين". وخلال نفس الفترة، تلقت الطالبة المغربية، دعما ماديا من طرف، سيدة من المغرب عثرت على منشور سبق لعبير أن نشرته على مواقع التواصل الاجتماعي وقالت "كنت أستخدمه لشراء الأكل".
"الآن أنا أواجه خطر العيش في الشارع، لأنه لم يعد لدي أي دعم مادي، حتى زملائي لم يعد باستطاعتهم دفع فاتورة الإيجار. الوضع صعب جدا، ولا أعرف أحدا هنا. راسلت القنصلية والسفارة المغربية هنا، ولم أتلق أية إجابة، بل وصل بي الأمر أن راسلت شخصيات مشهورة في المغرب، لكي يساعدونني بأي طريقة ولكن دون جدوى".
نفس الوضع تتقاسمه سناء* البالغة من العمر 20 سنة، وهي طالبة أيضا بسندرلاند في المملكة المتحدة في شعبة الصيدلة، وقالت "انتهيت من الدراسة ولا أعرف أحدا هنا، جميع زملائي الأجانب تم ترحيلهم إلى بلدانهم، أعيش بمفردي وسينتهي عقد الإيجار هذا الأسبوع، وبالتالي سأجد نفسي في الشارع في غضون أسبوع. نقودي نفذت أيضا".
وتسببت هذه الوضعية الصعبة، في تدهور حالتها الصحية وأوضحت أنها تتردد على إحدى المستشفيات بالمنطقة "كل أسبوع لرؤية الطبيب، بسبب ضيق في التنفس، لأنني أعاني من مرض الربو، كما أنني لا أستطيع النوم ولا الأكل، دخلت في اكتئاب، لدرجة أن الطبيب الذي يشرف على علاجي، سألني إن كنت أنوي الانتحار، ونصحني برؤية طبيب نفساني. أريد فقط العودة إلى وطني، حالتي جد مزية".
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، تواجه الطالبة نجلاء* البالغة من العمر 20 سنة، صعوبات كبيرة، بسبب الأزمة الصحية الحالية وقالت في حديثها مع يابلادي "جئت إلى نيويورك في يناير الماضي، في إطار برنامج تبادل جامعي، كان من المتوقع أن ينتهي في منتصف ماي، كما أن صلاحية تأشيرتي انتهت في 31 ماي"، لكن لم أعد بسبب إغلاق المغرب لحدوده.
وأوضحت، أن الأوضاع ساءت في نيويورك "منذ فبراير، أولا نظرا لارتفاع عدد الحالات، وثانيا بسبب المظاهرات بعد مقتل جورج فلويد. الأمر كان خطير جدا وغير آمن" بعدها طُلب من جميع الطلاب الأمريكيين العودة إلى منازلهم، ما زاد الأمر سوء بالنسبة لها، وقالت "اتصلت بابن عم لي يعيش في لوس أنجلوس وطلب مني أن أذهب إلى كاليفورنيا حيث كان الوضع أكثر أمانا، وبالفعل غادرت الحرم الجامعي ومنذ ذلك الحين وأنا أعيش معهم، وبدأت أشعر بالإحراج مؤخرا، كما أنهم يسألونني في كل مرة، عن موعد رحيلي" رغم أن الأمر ليس بيدها، "وفي كل مرة أتواصل مع السفارة للاستفسار عن الأمر تطلب مني التحلي بالصبر"
"أنا مصابة بمرض مزمن، ولا يمكنني تحمل تكلفة الدواء، بالإضافة إلى ذلك، تأثر والداي أيضًا بالأزمة، إذ اضطر والدي لإقفال المقهى التي يملكها طوال فترة الحجر الصحي وبالتالي لم يعد بمقدوره إرسال النقود لي وهو بالكاد يكافح من أجل تغطية نفقاته".
من جهته، عبر عثمان* البالغ من العمر 19 عاما، والذي اختار أن يتابع دراسته في شعبة الصيدلة بداكار في السنغال، عن معاناته هناك، وقال" تغير الوضع في مارس في ظل الأزمة الصحية، بعد إغلاق الحدود، أعيش لمدة أربعة أشهر حبيس أربعة جدران، والمشكل أنه حتى بطاقتي الائتمانية، التي كنت أسحب بواسطتها المنحة التي أتوصل بها من الجامعة، ابتلعها جهاز الصراف الآلي وأخبروني في البنك أني لا أستطيع استردادها هنا، بل في المغرب".
ويواجه هذا الطالب المغربي، بدوره خطر التشرد، نظرا لأن والديه أيضا يواجهان أزمة مالية بسبب الوضع الحالي "لكن رغم ذلك يحاولان إرسال ولو القليل، لكن إلى متى ومن أين سأدفع الإيجار في الأشهر المقبلة، الأمر مكلف للغاية".
وقالت نسرين، وهي طالبة بالأردن تبلغ من العمر 20 سنة "جئت إلى هنا في إطار تبادل ثقافي بين الأردن والمغرب لمدة سنة، أنا وطلبة مغاربة آخرون، كنا نتلقى منحة من الجامعة نهاية كل فصل دراسي، ونعيش بالحرم الجامعي، وكان من المفترض أن نرجع إلى المغرب في شهر يونيو".
لكن تحكي هاته الطالبة التي تدرس بشعبة طب الأسنان "لم نعد نتوصل بأية منحة، فقط نحاول العيش بما نتوصل به من آبائنا، لكن هم بدورهم في أزمة بسبب الجائحة، لذا لم يعد بمقدورهم إرسال المزيد. تكاليف المعيشة باهضة صعبة جدا ولم يعد لدينا أي مصروف" وأنهت حديثها قائلة "نحن في حالة يرثى لها".
*أسماء مستعارة