لم يكن في حسبان محمد البالغ من العمر 35 سنة، أن سفره إلى داكار من أجل مهمة رسمية لصالح شركته، سيمنعه من رؤية أطفاله الثلاثة لمدة حوالي ثلاثة أشهر بعد إغلاق الحدود في مارس بسبب فيروس كورونا.
وفي تصريح لموقع يابلادي قال محمد إنه سافر إلى السنغال قبل شهرين من إغلاق المغرب لحدوده، وأضاف "توجهت إلى السنغال بعد تقديم استقالتي من عملي، كانت هذه مهمتي الأخيرة".
ووجد محمد نفسه عالقاً في العاصمة السنغالية، وعاطلاً عن العمل بعد انتهاء فترة إشعار رب العمل بالاستقالة التي ينص عليها القانون. وتأسف قائلا "كان من المفترض أن أعود إلى المغرب يوم 17 مارس لبدء العمل في شركة جديدة قبلت تعييني بالفعل، لكن ذلك لم يحدث".
وأثناء تواجده في داكار، اتصل محمد برؤسائه الجدد، الذين عبروا في البداية عن تفهمهم للوضع. ليتفاجأ بعد بضعة أسابيع بإلغائهم لعقد العمل الذي يربطهم به، وهو ما زاد الطين بلة.
وقال "بحلول شهر ماي، أخبرتني الشركة الجديدة أنهم لا يستطيعون توظيفي، نظرا لعدم تمكني من الالتحاق بالعمل. وبالتالي كان من الضروري تعيين شخص آخر". ليصبح بذلك عاطلا عن العمل وبعيدا عن زوجته وأطفاله الثلاثة.
ومنذ تلك الفترة ومحمد يحاول تدبير أموره بالاعتماد على مدخراته. وقال "استأجرت شقة صغيرة جداً في داكار، مقابل ثمن باهض جدا" وأوضح أنه "على عكس ما يعتقده الكثيرون، يمكن أن تكون تكلفة الحياة في بعض بلدان جنوب الصحراء الكبرى مرتفعة".
وبالإضافة إلى تحمله نفقات عيشه الباهظة في داكار، يواجه محمد أيضا صعوبة في التأقلم مع الوضع، بحكم المسافة التي تفصله عن أسرته. وأعرب عن حزنه قائلا "افتقدت عائلتي كثيرا، وأطفالي صغار للغاية تتراوح أعمارهم بين 2 و7 سنوات". وأضاف "ابني البالغ من العمر 7 سنوات، لا يتوقف عن البكاء خلال مكالمتي معهم، فيما يرفض ابني البالغ من العمر 4 سنوات التحدث معي لأنه يعتقد أنني أرفض العودة".
وتسبب هذا الوضع في حالة اكتئاب لدى محمد موضحا أنه لم يعد قادرا على النوم وقال "لا اتوقف عن التفكير، لأنني لا زلت أجهل لحد الساعة إلى ما ستؤول إليه الأوضاع. وتساءل قائلا "كيف لي أن أعيل عائلتي في هذه الظروف؟ كيف لي أن أقوم بواجباتي كأب وأن أدفع رسوم المدرسة؟".
رضا لم يكن أفضل حالا، فقد تقطعت به السبل أيضا في في جمهورية الكونغو منذ منتصف مارس، ووجد نفسه مجبرا على تمديد زيارة عمل إلى هذه الدولة الواقعة في وسط إفريقيا، بعدما تم إغلاق الحدود وتعليق جميع الرحلات.
وخلال حديثه مع يابلادي قال إنه سافر في رحلة عمل لمدة خمسة أيام، وكان من المفترض أن يعود إلى أكادير بعد أيام قليلة.
وفي انتظار الإعلان عن عملية إعادة المغاربة العالقين بالخارج، اضطر رضا الذي يعمل في مجال النقل والخدمات اللوجستية إلى استئجار شقة وتدبير أموره بما تبقى لديه من أموال وقال "قضيت أكثر من شهر في تلك الشقة، إلا أن نفدت كل نقودي".
بعد ذلك اتصل " بالسفارة لإيجاد حل وأعطوني غرفة في فندق". وفي الوقت الذي علق فيه رضا في برازافيل، تمر شركته في المغرب بأوقات عصيبة بسبب الأزمة الحالية. وقال " لحسن الحظ وضعية الشركة التي أعمل بها ليست سيئة مثل الشركات الأخرى والشركات الناشئة التي اضطرت لإغلاق أبوابها، إلا أن الوضع صعب للغاية ". لكن ما يحبط رضا أكثر هو جهله بمصير المغاربة العالقين بالخارج.
أما حسن وهو مرشد سياحي تقطعت به السبل في جنوب إفريقيا، فقد قال في تصريح لموقع يابلادي "جئت إلى جنوب إفريقيا في 2 مارس في رحلة وكان من المفترض أن أزور خلالها زيمبابوي وزامبيا"، إلا أن جائحة كورونا، منعته من مغادرة جنوب إفريقيا.
وبعد أيام قليلة من ذلك مغادرته المغرب، نفدت نقود وواجه صعوبة في العثور على مكان يقيم به وقال "لحسن الحظ لي أصدقاء بجوهانسبرغ. اتصلت بهم ورحبوا بي في منزلهم، ولا زلت حاليا أقيم معهم".
رغم عثوره على مأوى في ظل هذه الظروف، إلا أن حسن أيضا أكد أنه يمر بفترات عصيبة. وقال "لقد عشت مع هؤلاء الأشخاص لمدة شهرين وهذا كثير، أشعر أنني ضيف ثقيل والمال الذي أملكه يكفي فقط لتغطية احتياجاتي اليومية". وأوضح أن كل ما يشغل تفكيره حاليا هو لحظة الإعلان عن رحلة عودته إلى منزله.
ويشار إلى أن آلاف المواطنين المغاربة، الذين تقطعت بهم السبل في الخارج، ينتظرون الإعلان عن تاريخ السماح لهم بالعودة إلى أرض الوطن، في الوقت الذي لم تعلن فيه الحكومة المغربية عن موعد محددًا لذلك.