غضب عارم يجتاح أوساط ساكنة قرية إمضير التي تقع على بعد 200 كلمتر من مدينة ورزازات، إذ أن السكان يحتجون على التهميش الذي يعانونه في الوقت الذي تستغل فيه "شركة إمضير للتعدين"، وهي فرع لمجموعة المناجم التابعة لمجموعة "أونا"، المنجم منذ سنة 1969 وتقوم بإنتاج 240 طنا من الفضة سنويا، حيث يعد هذا المنجم من أكبر مناجم الفضة في إفريقيا حسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية ، وأضافت أن السكان المحليين يرغبون في الاستفادة من هذه الثروة المنجمية.
ونشير إلى أن الاحتجاجات قد بدأت منذ شهر غشت 2011 حيث قام السكان وبمختلف فئاتهم بتنظيم إعتصامات عند قمة جبل "أبلان" قبالة المنجم حيث توجد البئر الرئيسية التي تزود المنجم بالماء منذ 2004، وقال "موحا أوبركة"، أحد السكان العاملين في المنجم، لوكالة الأنباء الفرنسية : "أغلقنا صنابير البئر للاحتجاج على بؤسنا... انظروا من حولكم، فنحن نعيش في العصر الحجري. نحن هنا منذ سبعة أشهر رفقة أطفالنا و ليس لدينا مستشفى ولا طرقات ولا مدرسة لأطفالنا"، وحسب النائب أحمد صادقي فإن السكان لا يستفيدون من هذا المنجم، ولا يوجد مستشفى واحد في المنطقة كلها وأقرب مستشفى موجود في ورزازات.
مطالب متعددة
ويطالب المحتجون بأن يتم تخصيص 75 بالمائة من فرص العمل في المنجم لسكان المنطقة، لكن الشركة اعتبرت هذا المطلب "غير واقعي"، وفي هذا الصدد صرح السيد يوسف الحجام، أحد مديري المجموعة المسيرة للمنجم، ليابلادي قائلا : "إننا نرى الأمر مستحيلا لأنه سيعقد اتفاقياتنا مع شركائنا الجمعويين، إذ أن هذه الاتفاقيات تجعلنا نعطي الأولوية لأبناء العاملين في المنجم فيما يتعلق بالتوظيف". فهو يؤكد على أن 40 في المائة من العاملين في الشركة ينحدرون من القرى المجاورة لقرية إمضير، وأضاف " لقد عرضنا عليهم أن تُخصص نسبة 60 بالمائة من فرص العمل لفائدة سكان المنطقة، لكنهم رفضوا الإصغاء، كما أن عمالنا ذهبوا لمناقشة الأمر معهم لكي يعيدوا النظر في مطالبهم حتى لا يقوموا بحرمان أطفالهم، لكنهم ضلوا متشبثين بالرفض... صراحة سقف مطالبهم غير واقعي. "
ويشتكي السكان أيضاً من نضوب المياه بسبب الاستغلال المكثف للماء لمعالجة المعادن، خصوصاً بعد أن تم حفر آبار قام السكان بغلقها في 2004، وقال موحا مندداً " نحن فلاحون صغار منذ الأزل ولم يعد لدينا ماء، في حين أن منطقتنا كانت معروفة بغزارة مياهها الجوفية"، وفي هذا الصدد يؤكد السيد الحجام على " أن هناك دراسة أكدت عدم وجود علاقة بين المياه المستغلة ونظام الري".
وبالإضافة إلى هذا كله، يشتكي السكان من كثرة التلوث في المنطقة، وحسب جريدة ليبيراسيون فإن أحد الشبان المحتجين قال مؤخرا :" إن القرية مهددة بالتلوث، فهذا المنجم لا يصلح إلا لتشويه حياتنا وإضعاف رئة أطفالنا بسبب المواد الكيماوية التي يستعملونها في معالجة الفضة، الشيء الذي يستوجب مقاربة جديدة لإدارة المناجم في الجنوب الشرقي، سواء في بوعزار أو في إميني أو حتى في إمضير، ويجب التفكير في كون البيئة الطبيعية والإيكولوجية والاجتماعية لا تتحمل مثل هذه التسريبات، ولهذا من الواجب فرض ضريبة يستفيد منها المحتاجين في المنطقة".
رفض التعاون
وبالنسبة لإدارة المنجم، فهي ترى بأن هناك مجهودات مبذولة لكن المحتجين يرفضون تقديم يد المساعدة، ويؤكد السيد الحجام قائلا :" لقد قمنا بعدة لقاءات مع المحتجين واقترحنا عليهم التنقيب على الماء الصالح للشرب لكنهم رفضوا"، كما أكد على أن إدارة المنجم قد قامت بإنشاء حُجر دراسية لفائدة الإعدادية المتواجدة في القرية وقامت كذاك بتوفير وسيلة نقل لتلاميذ المنطقة.
ونشير إلى أن الصغار والكبار يشاركون في هذه الاحتجاجات، وفي الشريط ( أسفله) يظهر طفل ذي الحادية عشر ربيعا وهو يؤكد على أنه سيدافع عن أرضه حتى آخر نفس في حياته.