شدد رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، اليوم الاثنين بالرباط، على أن الأرقام المسجلة لحد الآن بشأن فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) تؤكد صوابية التدابير الاستباقية والاحترازية التي اتخذها المغرب في الوقت المناسب، للتقليل من اتساع دائرة العدوى.
وقال العثماني، في معرض جوابه على سؤال محوري حول "التداعيات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لانتشار وباء فيروس كورونا (كوفيد-19) والإجراءات المتخذة لمواجهة هذه الجائحة" خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس النواب، إن "تطور الحالات مازال متوسطا حتى اليوم (..) وذلك بفضل الجهود المبذولة من طرف الجميع".
وسجل رئيس الحكومة بالمقابل أن المملكة "عرفت في الفترة الأخيرة تحولا وبائيا للفيروس، حيث انتقل من الحالات الوافدة إلى أكثر 82 بالمائة من الحالات المحلية، كما أن الكثير من البؤر التي تم اكتشافها هي ذات طابع عائلي وأسري، ولا سيما بسبب بعض المناسبات الأسرية مثل الأفراح والجنائز التي لم تنضبط للإجراءات الوقائية والاحترازية".
وبعد أن ذكر بأن الحكومة عملت منذ بداية ظهور هذا الوباء، وبتوجيهات ملكية سامية، على اعتماد مقاربة تشاركية تروم تعبئة وتوحيد الصف الوطني، من أجل ضمان انخراط وطني في مواجهة هذه الجائحة، جدد السيد العثماني التأكيد على التزام الحكومة بنهج الشفافية والصراحة تجاه المواطنين بخصوص المعطيات والإجراءات والقرارات المتخذة لمواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد، وكذا حول مستجدات الوضع الوبائي الوطني.
وبخصوص التدابير المتخذة لمواجهة الحالة الوبائية على المستوى الصحي، لفت رئيس الحكومة إلى القرار التاريخي للملك بجعل الطب العسكري رديفا وسندا للطب المدني في مواجهة حالة الطوارئ الصحية، مما مكن من تعبئة وتضافر الإمكانيات التي يتوفر عليها كل من الطب العسكري والطب المدني، حفاظا على سلامة وصحة والمواطنين، مستعرضا أيضا جملة من التدابير إن على مستوى الرصد واليقظة أو على مستوى الرفع من قدرات المنظومة الصحية الوطنية أو على مستوى التكفل بالحالات المصابة بالفيروس.
فعلى مستوى الرصد واليقظة الوبائية، أشار إلى أن المغرب يتوفر، منذ شتنبر 2019، على منظومة للرصد الوبائي من خلال مركز وطني ومراكز جهوية لعمليات الطوارئ في مجال الصحة العامة، وهي المنظومة التي تم إحداثها في إطار تفعيل "المخطط الوطني للصحة 2025"، مضيفا أن عمل هذه المنظومة كان فعالا في رصد وتتبع جميع الإشعارات المتعلقة بفيروس كورونا منذ بداية ظهوره على المستوى العالمي.
وفي ما يتعلق بالرفع من قدرات المنظومة الصحية الوطنية، ذكر رئيس الحكومة أنه تم رصد مبلغ ملياري درهم من الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا، لتغطية النفقات المتعلقة أساسا بشراء المعدات الطبية ومعدات المستشفيات (1000 سرير للإنعاش، 550 جهاز للتنفس، عدة أجهزة الكشف بالأشعة)؛ وشراء المعدات الضرورية للتحاليل (100.000 عدة أخذ العينات، و100.000 عدة للكشف؛ وشراء الأدوية (المواد الصيدلانية والمواد الاستهلاكية الطبية والغازات الطبية...)؛ وتعزيز إمكانيات اشتغال وزارة الصحة (التعقيم والتنظيف والوقود...)، مشيرا أيضا إلى إعداد وتجهيز مستشفيات عسكرية ميدانية لتنضاف إلى بنيات الاستقبال الأخرى المخصصة لاستقبال المرضى المصابين بفيروس كورونا.
كما شكلت هذه الجلسة مناسبة، للعثماني، لاستعراض الإجراءات المواكبة لتنفيذ حالة الطوارئ الصحية سواء على مستوى استمرار العملية التعلمية من خلال التعليم عن بعد، وضمان استمرارية خدمات المرافق العمومية الأساسية، أو استمرار تموين الأسواق بالمواد الأساسية.
وتطرق أيضا للتدابير المتخذة للتخفيف من الآثار الاجتماعية والاقتصادية، من ضمنها تلك المتعلقة بالقرارات والتدابير لفائدة الأجراء والمقاولات، لا سيما المتوسطة والصغرى والصغيرة جدا، والمهن الحرة التي تواجه صعوبات بسبب تداعيات هذه الجائحة، أو لدعم الأسر العاملة في القطاع غير المهيكل، والتي تضررت بفعل تباطؤ النشاط الاقتصادي جراء الجائحة.
وذكر في هذا الصدد بأن لجنة اليقظة الاقتصادية اقترحت منح تعويض شهري جزافي قدره 2000 درهم لفائدة الأجراء والمستخدمين بموجب عقود الاندماج والبحارة الصيادين بالمحاصة المتوقفين مؤقتا عن العمل، المنتمين للمقاولات المنخرطة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التي تواجه صعوبات، والمصرح بهم لدى الصندوق المذكور برسم شهر فبراير 2020. ويهم هذا التعويض الفترة الممتدة من 15 مارس إلى 30 يونيو 2020 (يشار إلى أن التعويض خلال الفترة الممتدة من 15 إلى 31 مارس 2020 قد تم تحديده في 1000 درهم)، مسجلا أنه تم إلى حدود الآن تسجيل 810155 أجيرا عن 132225 مقاولة، استفاد منهم 716255 أجيرا، فيما لا تزال قيد الدراسة 92795 حالة.
وتطرق العثماني، من جهة أخرى، وفي ما يتعلق بالاهتمام بوضعية المغاربة بالخارج، على الخصوص إلى المواطنين العالقين بالخارج، الذين كانوا خارج أرض الوطن قبل إغلاق الحدود، والمقدر عددهم بحوالي 7000، واضطرتهم ظروف الطوارئ الصحية إلى المكوث خارج التراب الوطني.
وذكر، في هذا الصدد، بأنه تنفيذا للتعليمات الملكية، فقد عملت البعثات الدبلوماسية والمراكز القنصلية التابعة للمملكة جاهدة على تقديم الدعم والمساعدة ذات الطابع الأولوي والضروري في هذه الظروف الاستثنائية، من خلال حزمة من الإجراءات الاستعجالية، من بينها إحداث خلايا تعنى بتتبع وضعية المغاربة العالقين بالخارج، على مستوى الإدارة المركزية والبعثات الدبلوماسية والمراكز القنصلية، معبأة 7 أيام في الأسبوع و24 ساعة في اليوم؛ وتوفير السكن لغير القادرين على تغطية تكاليف إقامتهم وتوفير كفافهم من حيث الغذاء.
كما همت الإجراءات الاستعجالية، يضيف العثماني، مرافقة المغاربة العالقين بالخارج ومساعدتهم والتواصل المستمر والدائم معهم، عبر إحداث بوابات ومنصات إلكترونية وأرقام هواتف محمولة مرصودة لهذا الغرض، على مستوى الإدارة المركزية والبعثات الدبلوماسية والمراكز القنصلية؛ والتدخل لدى السلطات الأجنبية المختصة لتمديد فترة إقامتهم بعد انتهاء صلاحية تأشيرتهم واستيفائها للآجال القانونية.