يبدو أن العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا تسير بشكل جيد، إذ أسفرت الزيارة التي قام بها وزير الداخلية الاسباني " خورخي فيرنانديث دياث " لنظيره المغربي محمد العنصر، في السابع والعشرين من فبراير، عن اتفاق يخص التعاون الأمني بين البلدين، إذ أكد الوزير المغربي على أن التفاصيل التقنية المتعلقة بسير المركزين سيتم تدارسها من طرف فريق عمل سيشكل خصيصا لهذا الغرض، وقال:" لقد اتفقنا على إحداث مركزين مشتركين للتعاون بين أجهزة الشرطة في كل من طنجة والجزيرة الخضراء."
وحسب السيد العنصر، فإن إحداث هذين المركزين دليل على "التفاهم التام والثقة الكاملة" المتبادلة بين البلدين، وقال:" إن المسؤولين الإسبان يقومون بأولى زيارتهم الرسمية خارج اسبانيا للمغرب وهذا دليل على وجود علاقات جيدة بين البلدين".
ارتفاع نسبة الهجرة السرية إلى اسبانيا
وتبقى الهجرة السرية في صلب هذه المباحثات حيث لا زال مضيق جبل طارق الوجهة التي يقصدها المهاجرون السريون المغاربة وكذلك القادمون من مختلف الدول لإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الراغبين في معانقة الضفة الأخرى والوصول إلى الفردوس المنتظر(أوربا) بطريقة غير شرعية، وفي هذا الصدد، صرح الوزير الاسباني، خورخي فيرنانديث دياث ، لقناة RTVE قائلا:" إننا نقدر المجهودات التي يبذلها المغرب في مكافحة الهجرة السرية ونحن نشكره على هذه المجهودات، فإسبانيا لا يمكنها التصدي لمشكل من هذا النوع، لهذا فالتعاون المغربي مهم بالنسبة إلينا في هذا المجال".
وحسب الإحصائيات الأخيرة، فإن عدد المهاجرين السريين في إسبانيا وصل إلى 5443 مهاجر خلال سنة 2011 مقابل 3562 خلال السنة التي سبقتها، أي بزيادة 52.8 في المائة، ومع ذلك فمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين قد سجلتا وصول أزيد من 3345 مهاجر سري خلال سنة 2011 أي ضِعف ما سجلته في السنة التي سبقتها، وهذا يعني بداية جديدة لأن السنوات الأربعة التي سبقت 2010 عرفت تناقصا في عدد المهاجرين السريين.
وسيمكن هذا الجهاز الأمني الذي سيتم إحداثه قريبا من تعزيز الجهاز الأمني لمكافحة الهجرة السرية، إذ تعهد الوزيران، فيما يخص التعامل مع تدفقات المهاجرين، بإعطاء "الأولوية لمقاربة شاملة ومتكاملة وذلك مع احترام حقوق وكرامة المهاجرين".
ويبقى الهدف من وراء إحداث المركزين هو مكافحة تهريب المخدرات والتصدي لتهديدات تنظيم القاعدة في المغرب العربي، حيث صرح الوزير الاسباني قائلا: " إننا نريد تعزيز الجهاز الأمني لكي نتمكن من التصدي للإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، ولهذا الغرض سيجتمع المسؤولون عن الأمن في البلدين معا شهر أكتوبر القادم في المغرب".
من هو المستفيد الأكبر ؟
وبالنظر إلى هذا التقدم الذي يعرفه التعاون الأمني بين البلدين، يبقى السؤال المطروح هو من المستفيد من إحداث هذين المركزين المشتركين؟ وفي هذا الصدد يرى المحلل السياسي محمد ضريف بأن" هذا التعاون هو في صالح البلدين معا، إذ نرى بأن المسؤولين الإسبان يقومون بأولى زياراتهم الرسمية خارج إسبانيا إلى المغرب حتى أنها أصبحت عادة أو تقليدا بالنسبة للإسبانيين، وهذا دليل على الدور المهم الذي يلعبه المغرب في الاستراتيجيات الإسبانية، حيث أن المسؤولين الإسبان يعتقدون أن أمن إسبانيا يبدأ من المغرب".
ومع ذلك، فمن المغرب يأتي المهاجرون السريون الراغبون في معانقة التراب الإسباني ومن المغرب أيضا يأتي أباطرة المخدرات الذين يهربون وَيْلاتهم إلى البلد المجاور، أما الهجرة التي تمر عبر المغرب أو هجرة المغاربة أنفسهم فهي لا تشكل مشكلا للمغرب بل لإسبانيا، لأن العدد المرتفع للمهاجرين السريين الذين يدخلون التراب الإسباني من الصعب تحمله في ظل وجود محيط اجتماعي واقتصادي جد مكهرب، وحسب Eurostat فإن نسبة البطالة في صفوف الفئة النشيطة الإسبانية وصلت 22.9 في المائة سنة 2011.
وفي تصريح له ليابلادي، يرى السيد المهدي لحلو أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي والخبير في الهجرة في المغرب و إفريقيا، أن منح الإتحاد الأوربي وضعية متقدمة للمغرب يعد اعترافا وشكرا له على "تجنده لصالح تطلعات الأوربيين فيما يخص سياسة الهجرة، وشرطا لاستمرار سياسة التعاون هذه".