لقد قام المغرب، خلال صيف 2011، بالاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي كممثل شرعي وحيد للشعب الليبي، ويوم أمس الجمعة 24 فبراير شارك سعد الدين العثماني، وزير الشؤون الخارجية المغربي، في مؤتمر عالمي تحتضنه العاصمة التونسية من أجل الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد لكي يُوقف شلال الدماء المتواصل يوما بعد بوم في حق المتظاهرين.
وقد عرف هذا المؤتمر العالمي حضور شخصيات سياسية مرموقة، تمثل حوالي 70 دولة عربية وغربية قدموا إلى العاصمة التونسية، بما في ذلك كاتبة الدولة في الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" والوزير الفرنسي "ألان جوبي". ويأتي هذا المؤتمر العالمي بعد يومين على استقبال رئيس الحكومة المغربي عبد الإله بنكيران، يوم الأربعاء 22 فبراير، وفدا يمثل هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي و وفدا آخر يمثل المجلس الوطني الانتقالي السوري.
دعم معنوي
وبالرغم من دعوة العثماني الصريحة إلى ضرورة وقف سفك الدماء في سوريا، يبقى التساؤل قائما حول ما إذا كان المغرب يتوفر فعلا على القدرات والوزن الدبلوماسي الكافيين لتغيير الوضع في سوريا، وقد أكد السيد جواد كردودي، رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية، على أن " دعم المغرب للمعارضة السورية يعد حدثا إيجابيا في حد ذاته، ومع ذلك هناك قائد في سوريا يقوم بإبادة شعبه ! لهذا يبقى الدعم المغربي رمزيا، والدول العظمى في العالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا لم تنجح في إيجاد حل لهذا النزاع، فكيف تتوقعون أن تقوم دولة صغيرة كالمغرب بفعل ذلك ؟ ".
وبالرغم من أن المغرب قد أصبح عضوا غير دائم في مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة، فإن هذه المكانة في مجلس الأمن لم تزد المغرب سوى فخفخة لا أقل ولا أكثر.
التدخل العسكري
وفي هذا الصدد، يرى جواد كردودي أنه ليس هناك حل لوضع حد للصراع القائم في سوريا سوى التدخل العسكري، في حين أن التدخل العسكري يتطلب قرارا من مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة بحيث لا تستعمل كل من الصين وروسيا اللتان يتوفران على مقعد دائم في مجلس الأمن حق الفيتو، كما حدث ذلك بداية شهر فبراير لما استعملت الدولتان حق الفيتو ضد قرار مجلس الأمن القاضي بإدانة القمع القائم في سوريا.
وفي حالة التصويت على قرار التدخل العسكري، حسب جواد كردودي، فإن منظمة حلف شمال الأطلسي هي من سيقوم بشن ذلك الهجوم أي أنه سيكون هناك تحالف بين الولايات المتحدة الأمريكية والبلدان العربية التي تتوفر على الوسائل الكافية للمشاركة عسكريا مثل دولة قطر والعربية السعودية، وأضاف السيد جواد قائلا:" لكي يكون هناك تدخل عسكري، فإن الولايات المتحدة الأمريكية في حاجة ماسة إلى مساندة أكبر عدد ممكن من البلدان العربية لكي يكتسب هذا التدخل شيئا من المصداقية والمشروعية، والمغرب لا يمكنه فعل شيء سوى إدانة هذه المجازر والمشاركة في الملتقيات الدولية"، فهو يرى أيضا بأن هذه المساندة أو الدعم العربي سيُجنب الولايات المتحدة الأمريكية تهمة التدخل في الشؤون الداخلية و المساس بالسيادة السورية مثلما حدث خلال التدخل الأمريكي في العراق منذ تسع سنوات مضت.
وفي انتظار حدوث تدخل عسكري، دعا ممثلو المعارضة السورية، يوم أمس الجمعة، البلدان المشاركة في المؤتمر العالمي المنعقد في العاصمة التونسية إلى ترجيح كفة الأفعال على مجد الكلام، إذ صرح أحد هؤلاء المناضلين لوكالة الأنباء الفرنسية قائلا:" لقد قلنا لهم أنكم كلما أكثرتم الكلام من دون تحريك ساكن، كلما انتقم منا نظام الأسد، وفي الدول العربية على الخصوص لا نقوم سوى بالتنديد في حين أننا في حاجة ماسة إلى تدخل فعلي، فالكلمات لن تتمكن من انقاد الشعب من الموت ولا تضميد جراح المصابين".