القائمة

أخبار

جمعيات مغربية تدعوا إلى وقف مشروع القطار الفائق السرعة

طالبت العديد من جمعيات المجتمع المدني المغربي بوقف مشروع القطار فائق السرعة (تي جي في ) محاولة بذلك إعادة فتح النقاش على مصراعيه حول هذا المشروع الذي سيربط مدينة طنجة والدار البيضاء، و تنتقد هذه الجمعيات الكيفية التي تمت بها الصفقة ولماذا تعطى الأولوية لمثل هذه المشاريع وكذلك قيمة الربح الذي سيدره هذا المشروع ونقاط أخرى.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

وكانت التصريحات التي أدلى بها عمر بلفاراج، عن جمعية وضوح طموح شجاعة، يوم الثلاثاء 21 فبراير خلال ندوة صحفية في الرباط، كسحر حرك نفوس الحاضرين حين قال :" إذا تمت إعادة فتح النقاش فسوف نتمكن من وقف هذا المشروع"، وقد أطلقت هذه الجمعية، إلى جانب ست جمعيات أخرى وهي جمعية "كابديما" ( آفاق الديمقراطية في المغرب) وجمعية "مبادرة BDS المغرب"( من أجل مقاطعة و فرض عقوبات على الإسثتمارات الإسرائيلية) ثم جمعية " ترانسبارانسي المغرب"، نداء أسمته " أوقفوا القطار فائق السرعة" ( stop TGV) ودعت المغاربة إلى توقيع العريضة من أجل وقف مشروع "التي جي في " الذي سيربط طنجة والدار البيضاء، وقال السيد عمر :" كلما جمعنا أكبر عدد من التوقيعات كلما أصبح لندائنا وزنا أمام البرلمانيين و المسؤولين السياسيين".

ويرى رئيس جمعية "مبادرة BDS المغرب"، سيون أسيدون، أن "هذا القرار سيرهن مستقبلنا المالي لسنوات عديدة في الوقت الذي توجد فيه العديد من المشاريع التنموية ذات أولوية على هذا المشروع"، وتتحد هذه الجمعيات السبع على أن تكلفة مشروع القطار فائق السرعة، التي تبلغ 25 مليار درهم، من شأنها أن تمول العديد من المشاريع التنموية في المملكة، لكن هذه الحجج لها مبرراتها إذ أن فرنسا لم تكن لتولي اهتمام بهذا القدر لمشروع آخر غير مشروع القطار فائق السرعة، ناهيك عن العديد من المشاريع، فهي قد أقرضت المغرب مباشرة ما يفوق 625 مليون أورو سيتم تسديدها على مدى 60 عاما وستبدأ انطلاقا من 2028، حسب جمعية "كابــديما"، ويضاف إلى هذا القرض قرضا آخر من الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) بقيمة 220 مليون أورو وهبة بسيطة بقيمة 75 مليون أورو.

وكل هذا السخاء الذي أبدته فرنسا لم يكن ليتحقق لو أن شركة "ألستوم " الفرنسية لم تفز بهذه الصفقة، ويرى السيد عمر "أن البرد القارص خلال هذا الفصل قد حال دون إغاثة العديد من الناس المتضررين في المناطق الجبلية الذين تم نقلهم على مثن البغال. ألا ترون إذن أنه من الضرورة  تشييد الطرقات في هذه المناطق المعزولة والنائية؟.

القطار فائق السرعة سيعرف عجزا

وحسب السيد كريم حجاج، رئيس "جمعية كابديما" فإن هناك عاملا اقتصاديا ينضاف إلى هذه الأسباب التي تم ذكرها وقال:" لقد قمنا بتقييم تكلفة السفر عبر هذا الخط الرابط بين المدينتين وخلصنا إلى أن ثمن التذكرة يصل إلى 30 أورو، وكان الحكم النهائي هو أن القطار فائق السرعة سيعرف عجزا لا محالة"، وأضاف أن الجمعية تقترح، في تقرير لها حول دراسة قامت بها انطلاقا من المعلومات القليلة المتوفرة، بديلا للقطار فائق السرعة يتمثل في تقنية "الرايلجيت Railjet " التي، مع افتراض وجود خط مستقيم تماما، ستمكننا من التنقل في غضون ثلاث ساعات وثمانية عشر دقيقة بين طنجة والدار البيضاء عوض  ساعتين وعشر دقائق عبر القطار فائق السرعة و أربع ساعات و خمس وأربعين دقيقة حاليا"، وحسب تقرير الجمعية فإن "الجمعية ترى، بخصوص التكلفة الإجمالية للمشروع، أن الحل المتمثل في القطار فائق السرعة يشكل تكلفة إضافية بقيمة 450 في المائة" مقارنة بتقنية "الرايلجيت Railjet" ، وقد أشار المكتب الوطني للسكك الحديدية إلى هذا الاحتمال لكنه لم يؤخذ بعين الاعتبار.

ويرجع السبب، في نظر السيد عمر بلفاراج، إلى عدم أخذ هذا الاحتمال بعين الاعتبار لكون "هذا القرار قد تم اتخاذه بطريقة تعسفية وجاء من الأعلى". وأكد السيد صادوق، الكاتب العام لجمعية " ترانسبارانسي المغرب"، على "أنه في بداية الأمر لم يتم اللجوء إلى مبدأ المنافسة بين العديد من الشركات"، وأن القرار قد اتخذته السلطات العليا لكل من فرنسا والمغرب.

اتفاق مباشر

" وخلال قدومه لتدشين خط جديد "للقطار فائق السرعة" في محطة بيلفور في فرنسا، في الثامن من شتنبر 2011، قام نيكولاس ساركوزي، الذي تقلصت شعبيته جراء الأعمال التي جعلت نهاية ولايته في انهيار متواصل، بالدفاع عن السيد باتريك كرون، صاحب شركة ألستوم  حين قال:" نعم لقد ناضلنا من أجل أن يكون هناك قطار فائق السرعة في المغرب، فهذا يعد حدثا اقتصاديا وسياسيا لا مثيل لهما وسيكون أول قطار فائق السرعة في القارة الإفريقية ستسهر على إنزاله على أرض الواقع شركة ألستوم !"، حسب ما يرويه السيد علي عمار في كتابه الأخير " باريس- مراكش: رفاهية، سلطة وشبكات"

ويرى الصحفي المغربي، الذي قام بالتوقيع على العريضة "أوقفوا مشروع القطار فائق السرعة" (تي جي في ) وقام بتحليلها، أن " الامتياز بالنسبة لنيكولاس ساركوزي، إذا أمكننا تسميته امتيازا، هو كون المغرب مجرد واجهة لعرض التكنولوجيا الفرنسية لهذا يستغله في أمور تتعلق بالانتخابات بالأساس، وبالنسبة لمحمد السادس "فهذا جزء من سياسته  العظمى وهذا يساهم في تلميع صورة الملك العصري".

وأشار السيد صادوق إلى أن العقد تم توقيعه من دون اللجوء إلى تقديم طلبات عروض، فقد كان "هناك اتفاق مباشر وهذه إمكانية يتيحها القانون المغربي". فمن الصعب إذن أن نتكهن بوجود إمكانية اللجوء إلى القضاء بعد هذا النداء الرامي إلى وقف مشروع القطار فائق السرعة، إذ يؤكد السيد صادوق على أنه "خيار اللجوء إلى القضاء غير مطروح في الوقت الراهن"، وقال السيد عمر بلفاراج :" إننا لا نستهدف أي شخص من خلال ندائنا هذا، بل هو من أجل المغرب".

و بعد تعبئة المواطنين، كيف السبيل أمام هذه الجمعيات إلى خلق حاجز فعلي أمام مشروع القطار فائق السرعة( تي جي في ) ؟ أيجب على الأطراف أن يعيدوا النظر في هذا الاتفاق، لكن الوسط السياسي المغربي ليس بمقدوره ذلك ! وقد سبق للسيد لحسن الداودي، عندما قيل أنه سيكون وزير التجهيز، أن قال يوم 21 دجنبر بأن الأمر يعد "كارثة" حينما يتم تفويت مشروع بقيمة 33 مليار درهم في "بلد لا زالت تتواجد فيه مدن في الأطلس لا تتوفر على أبسط وسائل المواصلات"، وأخيرا جاء في حوار خص به "لو جون أفريك"، يؤكد عمر بلفاراج قائلا:" لا يمكننا التراجع على ما تم الاتفاق بشأنه فيما سبق"، وبالنسبة  للجانب الفرنسي "نتمنى مع اقتراب الانتخابات الرئاسية أن تتبنى الحكومة الفرنسية سياسة جديدة بشأن التعاون الذي يعطي أولوية للنقاش مع المواطنين داخل البلدان التي تتعاقد معها"، يؤكد السيد عمر بلفاراج.