القائمة

أخبار

دياسبو # 132: عبد العالي بن التهامي طبيب مغربي بهولندا شعاره "الصحة للجميع"

منذ صغره والمهاجر المغربي عبد العالي بن التهامي، يطمح لأن يصبح طبيبا يقدم يد المساعدة للمحتاجين. وفي سنة 2010 أنشأ مؤسسة خيرية في هولندا، يقدم من خلالها الرعاية الصحية بالمجان لأشخاص في وضعية صعبة في وطنه المغرب. وبفضل هذه المؤسسة، تمكن مؤخرًا من تنظيم عملية نقل الصبي يحيى الذي هاجمته الكلاب الضالة ضواحي مدينة الراشيدية لهولندا من أجل تلقي العلاجات الضرورية.

نشر
عبد العالي بن التهامي
مدة القراءة: 5'

بدأ عبد العالي بن التهامي يحلم بأن يصير طبيبا عندما كان في المغرب، وتحقق حلمه في بلاد المهجر بهولندا، حيث يتولى حاليا منصب رئيس عيادات بنتو، وهي مجموعة من العيادات في هولندا متخصصة في جميع أنواع العمليات الجراحية.

ولد بن التهامي سنة 1978 في أمستردام، في أسرة مكونة من تسعة إخوة. كان يقضي عطلاته الصيفية كل سنة في منطقة الريف التي ينحدر منها والديه.

ويحكي عبد العالي بن التهامي، لموقع يابلادي أن حلمه في أن يصبح طبيبا بدأ خلال إحدى عطله الصيفية بالمغرب، أثناء فسحة كان يقوم بها هو والده وقال "مررنا أمام مستشفى محمد الخامس في الحسيمة. كان هناك طابور طويل من المرضى، وكانت تبدو عليهم ملامح العياء. لم يتمكنوا حينها من الحصول على الرعاية الكافية. صورتهم ظلت عالقة في ذهني وقلت حينها لوالدي: يومًا ما سأصبح طبيباً وسأعود لمساعدة هؤلاء الأشخاص لكي يتمكنوا من الحصول على العلاج"

وبعد حصوله على شهادة البكالوريا، التحق عبد العالي بن التهامي بجامعة أمستردام لدراسة الطب. شغفه وحبه للأعمال اليدوية قاده لاختيار شعبة طب الرضوض، "يذكرني اختصاصي، بالشخص الذي يكرس وقته لإصلاح الأشياء الثمينة المكسورة أو التالفة، لذلك اخترت هذه الشعبة بعد دراسة الطب العام".

وقاده تخصصه في جراحة العظام، إلى التعرف على طبيبين ينظمان قوافل طبية في بلدان إفريقية، لينتهز بذلك الفرصة، وعرض عليهما تنظيم قافلة إلى المغرب. ليرافقه بعد ذلك الطبيبان إلى المغرب كمتطوعين، آنذاك راودته فكرة تأسيس مؤسسة مختصة في تقديم الرعاية الصحية وبالضبط في أبريل 2010، أطلق عليها اسم "الصحة للجميع".

ويشرح الطبيب المغربي طبيعة عمل مؤسسته قائلا "على عكس بعض برامج المساعدات الدولية التي رأيتها في المغرب، فإن مؤسستنا لا تحط رحالها فقط في المكان المراد فيه تقديم المساعدة للأشخاص الفقراء، وتغادر بعدها" وأوضح "خلال كل مبادرة نقوم بها، فإننا نذهب أيضا إلى المستشفيات الحكومية، خاصة المستشفيات الجامعية، من أجل القيام بعمليات يشارك فيها أطباء المؤسسة والأطباء الداخليين والطلاب، وهو أمر مهم بالنسبة لنا"، بالإضافة إلى تقديم تدريبات لبعض الاطباء.

"نتفق مع الأطباء المغاربة حول محتوى التدريب الذي يتعلق غالبًا بالتقنيات الجديدة، التي نعمل بها في هولندا ولا تستخدم على نطاق واسع في المغرب. إذ يتطلب ذلك استخدام معدات متطورة بالإضافة إلى نقل المعرفة، وذلك من خلال القيام بعمليات جراحية مجانية للأشخاص الأكثر احتياجا".

عبد العالي بن التهامي

بفضل هذه الجمعية، تمكن عبد العالي بن التهامي من تنظيم مجموعة من القوافل في مجموعة من المدن المغربية، كالناظور والحسيمة والمضيق وطنجة والرباط والدار البيضاء وأزمور وأكادير. كما سمحت له بربط علاقات مع أطباء مغاربة، وكذلك مع الأسر المستفيدة، على الرغم من العقبات التي اعترضت طريق عمله الخيري في البداية. 

ويؤكد الجراح المغربي أن "من أكبر التحديات التي واجهنا في البداية، هو نقل معداتنا الطبية من هولندا إلى المغرب. كان يصعب علينا تمريرها في الجمارك، لكن الأمور تغيرت، بعدما أصبحت الجمعية معروفة على نطاق واسع في المغرب". 

ويتذكر عبد العالي بن التهامي قصص النجاح التي تحفزه على المضي قدمًا. وبحكم تقديم خدماته للأطفال يقول الجراح المغربي إن قصة صبي يدعى يوسف، تركت انطباعا خاصا لديه. وهو طفل تم نقله إلى هولندا من المغرب لإجراء عملية جراحية معقدة في القلب والأوعية الدموية: "التقيته في المستشفى الجامعي بالدار البيضاء عندما كان عمره سنة واحدة. كان يعاني من تشوه خلقي. خضع لثلاث عمليات جراحية في هولندا وقضى ثلاثة أشهر في العناية المركزة. بعد مرور سنتين، ذهبت لزيارة أسرته في المغرب. كان عمره حينها ثلاث سنوات لكنه تذكرني على الفور. كانت لحظة مؤثرة".

تضم مجموعة عيادات عبد العالي بن التهامي اليوم أربعة هياكل: واحدة في أمستردام وواحدة في روتردام وواحدة في فييندال وواحدة في دين بوش. وهي عيادات متخصصة في الجراحة العامة والتجميلية والعظام. ومن خلال شبكة الأطباء التي تضمها العيادات وأيضا مؤسسة "الصحة للجميع"، نجح الجراح المغربي في المساهمة في عملية إنقاذ حياة الصبي يحيى، ضحية الكلاب الضالة بكلميمة التابعة لأقليم الراشدية.

وكان الطفل يحيى البالغ من العمر 12 سنة، قد تعرض، إلى هجوم من قبل 20 كلبا ضالا، ما تسبب له في جروح خطيرة في أطرافه السفلية، وعلى مستوى الرأس والوجه. وتم نقله في البداية إلى المستشفى الجامعي بفاس ثم إلى المستشفى الجامعي بالدار البيضاء، لكن رغم ذلك لم تتحسن حالته، ما دفه مواطنا مغربيا مقيما في هولندا لإشعار مؤسسة "الصحة للجميع".

"أزاول مهنة الجراحة منذ عدة سنوات، تعودت على رؤية مختلف الإصابات الخطيرة، والقيام بالعمليات المعقدة، لكن عند رؤيتي لصور يحيى، تأثرت كثيرا، حينها اكتشفت أنني ملزم بالقيام بشيء من أجله"

عبد العالي بن التهامي

ويوم الثلاثاء الماضي نقل يحيى إلى المستشفى الجامعي بأمستردام، حيث استقبله فريق طبي، بينهم عبد العالي بن التهامي، الذي يتابع حالته يوميًا. وأكد الطبيب المغربي أن يحيى سيخضع الخميس المقبل لعملية جراحية كبيرة من أجل إخراجه من هذه الحالة الحرجة.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال