قبل حوالي 25 يوما، قرر الفنان التشكيلي عبد القادر بلبشير، ابن مدينة وجدة الذي يقطن منذ سنوات بمدينة تاوريرت، إضفاء لمسته الخاصة على شوارع هذه المدينة الواقعة في الجهة الشرقية من المغرب.
وقال في حديثه لموقع يابلادي "وأنا في طريقي، لمحت مجموعة من الكراسي القديمة، وأردت إحيائها من جديد"، ليقوم بعد ذلك بنفخ روح جديدة فيها بطريقته الخاصة.
وانطلقت الفكرة في البداية من الكراسي، وبعدما نالت إعجاب سكان المدينة، انتقل عبد القادر بريشته الفنية إلى حاويات الازبال والأشجار والجذران وممرات الراجلين، وقال إن "اختيار تزيين ممر الراجلين على شكل بيانو، كان مقصودا. الهدف منه تحبيب الراجلين في المرور من الممر وتحسيسهم بأهميته".
وفيما يخص تزيينه لحاويات الازبال، أكد أنه إلى جانب إضفاء جمالية فنية عليها "أردت تكريم عمال النظافة"، وقبل الشروع في العمل عليها، قام الفنان المغربي بالاستشارة مع المجلس الجماعي ومسؤولي الشركة التي توفر الحاويات "ولم يترددوا، بل بالعكس رحبوا بالفكرة، بل واقترحوا تعميمها مستقبلا في مختلف أنحاء المغرب".
"اشتريت جميع الأدوات الازمة من صباغة وفراشات الألوان وأدوات الديكور وغيرها من مالي الخاص".
وأشار الفنان المغربي، إلى أن هذه اللوحات الفنية التي أصبحت تزين مدينة تاوريرت، هي ثمرة تعاون بينه وبين التلاميذ الذين يشرف على تأطيرهم في معهد "دار الفنان" للرسم والموسيقى الذي أنشأه قبل أربع سنوات ويضم حاليا 150 تلميذا، وقال "عندما راودتني الفكرة، أردت خوض هذه التجربة رفقة تلامذتي، لصقل موهبتهم وإعطائهم الفرصة لتفجير مواهبهم على أرض الواقع".
ويعتبر بلبشير أن فكرته "هي عبارة عن رسالة فنية بيئة"، يطمح من خلالها إلى تشجيع الشباب للقيام بنفس المبادرة في مختلف المدن المغربية وقال "بدل انتظار ما تقوم به الدولة من أجلنا، يمكننا نحن القيام بشيء من أجلنا ولو بأشياء بسيطة، والتغيير يبدأ من النفس".
وبعد مرور أيام قليلة على إطلاق هذه المبادرة التي قوبلت بأصداء إيجابية، تواصل مسؤولو المدينة مع عبد القادر، من أجل تشجيعه لمواصلة عمله وقال "تلقيت اتصالا من عامل الإقليم الذي عبر عن امتنانه وتشجيعه لي. وبعدها قام المجلس الجماعي بمد يد المساعدة لي من خلال شراء الصباغة وأدوات الرسم، وأيضا توفيره اليد العاملة".
"أوجه من خلال مبادرتي أيضا رسالة إلى المسؤولين في البلاد وأقول لهم اتركوا الساحات العمومية للشباب، وستندهشون من إبداعاتهم"
الصدى الذي خلفته المبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي، أكدت للفنان التشكيلي أنه "في الطريق الصحيح. وهو ما أعطاني ثقة أكثر في نفسي وصممت على المضي قدما ولما لا جعل مدينة تاوريرت وجهة سياحية من خلال منح شوارع وأزقة المدينة أشكالا جديدة".
وبالرغم من أن العديدين لم يكونوا يعرفون اسم عبد القادر بلبشير، قبل تداول رسوماته في شوارع تاوريرت من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن هذا الخطاط والفنان التشكيلي المغربي سبق له أن توج بمجموعة من الميداليات والجوائز، أبرزها إحرازه قبل سنتين الجائزة الأولى بمهرجان الفنون بفرنسا.
كما أنه سبق له أن رسم قبل سنتين أكبر "بورتريه" للملك محمد السادس مرفوقا بولي العهد مولاي بلغ طوله 15 مترا وعرضه 10 أمتار "تم وضعه بشارع محمد الخامس وسط المدينة " ليصبح بذلك معلمة من معالم تاوريرت.
وسبق للفنان المغربي أن قام بمبادرة لتكريم بعض الوجوه البارزة في المغرب من خلال رسم بورتريهات لهم، كالفنان الدوزي والفنانة أسماء المنور، كما رسم بورتريه للاعب الدولي المغربي نور الدين أمرابط، أثناء تواجده بمدينة وجدة إلى جانب أسود الاطلس خلال شهر أكتوبر الماضي، وقال "لازلت أتذكر فرحته باللوحة. قال لي حينها: هذا أحسن تكريم وتذكار من مدينة وجدة".