واعتبر خبير مغربي في قضية الصحراء أن مخيمات تندوف صارت تعيق جهود محاربة الإرهاب لتوفيرها التغطية على أنشطة إرهابية وإجرامية، مما جعل عدة دول كبرى تربط بين حل نزاع الصحراء ومحاربة الإرهاب في منطقة الصحراء الإفريقية، مشيرا إلى عامل تجدد العلاقات الجيوسياسية في منطقة المغرب العربي، والتي ستساهم بشكل كبير مستقبلا في إنهاء وجود مخيمات البوليساريو.
التغطية على إرهابيين
وأصدر المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب، والذي يتبع لمعهد "بوتوماك" في العاصمة الأمريكية واشنطن، تقريرا قبل أيام قليلة بعنوان "الإرهاب في شمال إفريقيا؛ من 11 سبتمبر إلى الربيع العربي"، يتضمن دعوة إلى إعطاء الأولوية إلى العمل على إغلاق مخيمات تندوف، بسبب المخاطر الكامنة هناك نتيجة التستر على إرهابيين مطلوبين من لدن العدالة.
وسجل التقرير أيضا وجود علاقات وطيدة بين تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي يتخذ من مخيمات تندوف قاعدة خلفية رئيسية له، وبين عصابات أمريكا اللاتينية التي تنشط في تهريب المخدرات نحو أوروبا عبر منطقة الساحل، بشكل متواطئ مع أعضاء في جبهة البوليساريو.
وتعليقا على هذه الدعوات بإغلاق مخيمات البوليساريو، قال الدكتور عبد الفتاح الفاتحي، الخبير في قضية الصحراء والشؤون المغاربية، إن نتائج الدراسات البحثية والتقارير الدولية ليست هي الوحيدة التي خلصت إلى قناعة عامة لدى الرأي العام العالمي، تقضي بضرورة إغلاق مخيمات تندوف لللاجئين، خوفا من أن يتم تحويله إلى فضاء لتفريخ الإرهابيين وتدريبهم، وتحوله إلى ملجأ للتستر على محترفي الجريمة العابرة للحدود، من قبيل تجارة البشر والسلاح والمخدرات.
وأضاف المحلل السياسي في تصريحات للعربية نت بأن هذه القناعة ذاتها ترسخت بعد تطور أنشطة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بالصحراء الإفريقية، حيث أسفرت عن ارتفاع عمليات الاختطاف، خاصة بعد اختطاف ثلاثة من عمال الإغاثة الإنسانية الغربيين من داخل قلب تندوف.
وأشار الفاتحي إلى أن الشرطة الموريتانية أعلنت حينها عن تمكنها من إلقاء القبض على عضوي جبهة البوليساريو المنفذين لعملية الاختطاف، قبل أن تسكت عن ذلك غداة زيارة مفاجئة قام بها محمد ولد عبد العزيز للجزائر، وأجرى خلالها مباحثات ثنائية مع نظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
محاربة الإرهاب
وشدد الفاتحي على أنه ليس أمام المجتمع الدولي من خيار سوى اتخاذ مواقف حازمة لضمان حقوق اللاجئين بمخيمات تندوف في العيش الكريم، وحماية المنطقة من خطر العمل الإرهابي، وذلك بالعمل على مراجعة الوضعية القانونية لمخيمات تندوف في إطار القانون الدولي واتفاقية جنيف 1951 لحق اللجوء، لا سيما تنفيذ البنود الثلاث، حق العودة الحرة إلى وطنهم الأم، أو إعادة توطينهم في مكان إقامتهم، أو في بلد ثالث.
ولفت الفاتحي إلى أن مخيمات تندوف باتت تعيق جهود محاربة الإرهاب، لما توفره من فضاء للتغطية على أنشطة إرهابية وإرهابيين هاربين من العدالة، مردفا أن عدة دول كبرى كانت قد ربطت بين حل قضية الصحراء ومحاربة الإرهاب في منطقة الصحراء الإفريقية، بعد تواتر العديد من التحقيقات حول اتصالات أعضاء من البوليساريو بأنشطة إرهابية في لمنطقة.
وتابع الخبير المغربي: "لهذه الاعتبارات الموضوعية، فضلا عن تجدد العلاقات الجيوسياسية في المنطقة المغاربية، كلها عوامل ستدفع بحزم في اتجاه إغلاق مخيمات تندوف، بعد تنفيذ توصية تقرير مجلس الأمن الأخير حول الصحراء بشأن إحصاء ساكنة المخيمات.
وخلص الفاتحي إلى كون الفضاء المغاربي ـ من الناحية الجيوسياسية ـ يُجمع على أن محاربة الإرهاب قدر مشترك يفرض تنسيقا مشتركا لاجتثاثه من كافة منابعه الموجودة، وهو ما يفرض تحييد مشكل الصحراء، ودعم مطلب حل مخيمات تندوف طبقا لاتفاقية جنيف 1951.