ويعود آخر جدال قد أثاره كلود جيان إلى الرابع من فبراير الماضي، خلال اجتماع مغلق مع اتحاد الطلبة اليمينيين عندما أطلق كلود جيان كلمات لاذعة أثارت غضب الحاضرين، وحسب جريدة ليبراسيون، فإن كلود جيان صرح خلال هذا الاجتماع قائلا:" ...خلافا لما تقوله الإيديولوجية النسبية التي يتبناها اليساريون، فنحن نرى بأن الحضارات ليست على نفس القدر من المساواة، حيث أن الحضارات التي تدافع عن القيم الإنسانية تبدوا بالنسبة لنا أكثر تقدما من الحضارات التي تنكر هذه القيم، أما التي تدافع عن الحرية والمساواة والأخوة فهي جد راقية مقارنة مع تلك التي تحتضن الطغاة وتقبل بتهميش النساء وتكريس الكراهية الاجتماعية أو العرقية".
وبعد هذا التصريح، سرعان ما قام الصحافيون الذين حضروا اللقاء بنشر العبارات، التي ألقاها كلود جيان خلال لقائه بالطلبة، عبر المواقع الاجتماعية حيث انتشرت انتشار النار في الهشيم.
وبالنسبة ليوم الأحد 5 فبراير، فقد كان كلود جيان على موعد مع الصحافة الفرنسية التي طلبت منه تفسير كلماته التي يشوبها الغموض، لكن الرجل استمر في مساره، دون أن يقدم اعتذارا أو أن يعبر عن ندمه، إذ أنه قد أعاد أسطوانته يوم الأحد عبر قناة "فرانس أنتير" حيث قال:" ...من منظور مبادئ جمهوريتنا فإن جميع الحضارات والممارسات والثقافات ليست على القدر من المساواة "، وبعد ذلك واصل الحديث بنسب كلماته للإسلام بإعطائه مثالين، في الوقت الذي صرح فيه مسبقا بأنه لا يقصد بكلماته هذه أية حضارة معينة. "...هناك قضية منع الحجاب التي طرحت أمام الجمعية الوطنية، حيث صوتت الأغلبية لصالح القرار الذي يمنع ارتداء الحجاب بالرغم من أن الحزب الاشتراكي لم يشارك في التصويت، أما المثال الثاني فهو يتعلق بقضية الصلاة في الطرقات، حيث سمعت مسؤولا اشتراكيا رفيع المستوى يقول بأن الأمر لا يزعج أحدا، لكنه في حقيقة الأمر يزعج العديد من الفرنسيين"، حسب ما تشير إليه جريدة لوموند.
"مجرد هراء ! "
ومن جانبها، لم تنتظر المعارضة الكثير لكي تكشر عن أنيابها وتظهر في الواجهة، إذ أن العديد من الأعضاء الاشتراكيين قد انتقدوا هذه التصريحات، وكان فرانسواز هولوند من بين الذين لم تعجبهم هذه التصريحات حيث صرح وهو يركب القطار رفقة العديد من الصحافيين قائلا:" كان من الأفضل لو أنه اهتم بالمجتمع عوض نثر الكلمات..." في حين صرح ميشيل سابين، المكلف بالمشروع الرئاسي لفرانسواز هولوند، قائلا:" إنه انعكاس لإرادة نيكولاس ساركوزي التي تقضي باستمرار معارضة فئة من الفرنسيين لفئة أخرى ومواصلة الإحتقار والتقليل من ديانة معينة (...) وزرع التفرقة بين مكونات الأمة في الوقت الذي يجب جمع شملها". بدوره أكد فرانسواز بيرو، مرشح حزب "موديم" للانتخابات الرئاسية، أن "الإسلام هو المستهدف، فالذي يجب على زعيم سياسي في بلد متقدم كبلدنا أن يكف عن إثارة مشاعر الشعب الذي يتحمل مسؤوليته أمام جزئ مهم من الإنسانية وأمام المواطنين".
وصرح جون لوك ميلينشون، المرشح عن جبهة اليسار، بأن "هذا يسمى بنظرية اصطدام الحضارات، وكل هذا ما هو إلا مجرد هراء لكي نشعر بالحقد تجاه المسلمين بقدرما يجب أن نعيد تنظيم أنفسنا وتوحيد كلمتنا".
رشيدة داتي تتفهم موقف الحزب الاشتراكي
أثارت عبارات كلود جيان جدالا واسع النطاق، حيث أنها لم تزعج أحزاب المعارضة فقط بل كذلك أعضاء حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية".
وخلال نشرة الأخبار على قناة فرانس 2، كانت رشيدة داتي صريحة في الإدلاء بموقفها، حيث أنها تدعم انتقادات الحزب الاشتراكي إذ قالت بلهجة مستنكرة:" إن ما يفاجئني هو البحث عن خلق جدال من لاشيء، فأنا أتفهم كون الحزب الاشتراكي قد تبنى رد فعل من هذا القبيل، لكن هذا يعني ماذا ؟ أيعني أن كل شيء مباح ؟ بطبيعة الحال لا ! وإلا فما فائدة نضالنا اليومي من أجل الدفاع عن القيم والمبادئ؟"
و من جانبه، يعتبر وزير الشؤون الخارجية، ألان جيبي، بأن استعمال مصطلح "حضارة" لم يكن في محله، وقال :" يجب أن نتفادى، وبأي ثمن، اصطدام الحضارات، فالحوار والتبادل هما السبيل إلى التقدم".