يقبل الشباب المغربي على التطبيقات والبرامج الإلكترونية والمواقع المختصة في التعارف، لما لها من دور في تسهيل عملية التواصل بين الفتيات والشبان، وكسر الحواجز والعوائق النفسية والمجتمعية أيضا. فمع انتشار الهواتف الذكية أصبحت هذه التطبيقات في متناول الجميع. فما الدافع وراء إقبال الشباب عليها؟ وهل أصبحت هذه المنصات تشكل مهربا مثاليا من الحواجز النفسية وتلك التي يضعها المجتمع؟
ترى رشيدة * وهي شابة في السابعة والعشرين من عمرها أن هذه المواقع والتطبيقات قد تلعب أدوارا أخرى غير تلك التي يعتقدها الكثيرون، وأكدت ليابلادي أنها تقوم بإنشاء حسابات في هذه التطبيقات والمواقع بهدف "التعرف على أشخاص من بلدان أخرى، لتعلم لغة جديدة و الاطلاع على ثقافة غير ثقافتنا".
وتابعت أنها ترتاد هذه التطبيقات والمواقع عند إحساسها "بالملل والرغبة في التحدث إلى أشخاص غرباء ليسوا من محيطي، كما سبق لي وبدون تخطيط مسبق، أن تعرفت على شخص جمعتني معه في البداية علاقة صداقة وتحولت بعد عدة أشهر إلى علاقة غرامية جدية، لكن للأسف لم تكلل بالزواج لظروف خارجة عن إرادتنا".
وأَضافت "فيما يخص التطبيقات، كتلك التي تشبه تطبيق "تيندر" (تطبيق يتيح للمستخدمين التعارف على الأشخاص من حولهم) قمت بتحميله فقط ليوم واحد، لكن اكتشفت أنه تطبيق له سمعة سيئة، وأغلب الأشخاص الذين تحدثوا معي كانت نواياهم سيئة، لذلك قمت بحذفه".
وفي تصريح مماثل، قالت لبنى* البالغة من العمر 24 سنة، إنها تقوم بزيارة مواقع وتطبيقات التعارف "لسبب واحد، وهو الملل وأيضا لرغبتي في التحدث إلى أشخاص غرباء، وإن تعرفت على شخص ما، لا أقبل بالخروج معه لأنني بكل بساطة أشعر بالخوف".
بالمقابل اختلفت أراء الشباب، حيث قال مهدي* وهو شاب يبلغ من العمر 30 سنة ليابلادي "في البداية أقوم بتحميل تطبيق أو التسجيل في موقع للتعارف من أجل التعرف على فتاة لقضاء ليلة حمراء معها" لكن هذا "لا يمنعني من أن أغير رأيي، إذ قادتني الصدفة لتبادل الحديث مع فتاة وأعجبت بها وبادلتني نفس الشعور، آنذاك يمكن أن أفكر بشكل مختلف".
من جانبه، قال مصطفى* البالغ من العمر 26 سنة، إنه قام بتحميل تطبيق للتعارف للمرة الاولى، بعد انفصاله عن فتاة جمعته معها علاقة غرامية "كنت أنداك أريد ملأ ذلك الفراغ العاطفي فقط، كان هدفي في تلك اللحظة، هو العثور على شخص ما أستطيع التحدث معه لتجاوز تلك الازمة العاطفية".
وفي رده على سؤال حول إمكانية البحث عن شريكة حياته عبر هذه المواقع قال "لا يمكنني أن أتزوج بفتاة تعرفت عليها عبر هذه المنصات، ولكن هذا لا يعني أن الفتيات اللائي يقمن بزيارة تلك المواقع لهن سمعة سيئة، أو لا يمكن أن يكن زوجات صالحات، والدليل أنه سبق لي أن تعرفت على فتيات طيبات أخلاقهن عالية، وتجمعنا لحد الآن علاقة صداقة".
بحث عن حرية أكبر
وأرجع رضا محاسني، الطبيب النفسي وأستاذ علم النفس بالجامعة الدولية بالدار البيضاء في تصريح لموقع يابلادي، إقبال الشباب على هاته التطبيقات والمواقع لرغبتهم في البحث عن هامش حرية أكبر، "حيث أصبحت مواقع التعارف تتيح لمجموعة من الأشخاص التعارف فيما بينهم، وهو أمر لا تتيحه الأماكن العامة، وأصبحنا نلاحظ يوما بعد يوم إقبال الشابات على هذه المنصات التي تمكنهن من تبادل وجهات نظرهن بأريحية أكثر" وأضاف أنه في بعض الأحيان "يفضل بعض الأشخاص زيارة هذه المواقع لأنها لا تفرض عليهم أية قيود أو التزامات، عكس العلاقات التقليدية".
وأوضح أن بعض التطبيقات كـ"تندر" يعلم مستخدموه أنه "ليس الحل الأمثل لبناء علاقات دائمة وحقيقية، عكس موقع الفايسبوك الذي كان له الفضل في بناء علاقات تكللت بالزواج" وأضاف "كما أن هذه التطبيقات، أصبحت بالنسبة لبعض السيدات اللائي يمتهن "الدعارة" منصة من أجل البحث عن زبائن جدد لهن".
وأضاف قائلا "بصفتي أستاذ جامعي، ألمس أن أغلب الطلاب يفكرون في ممارسة الجنس داخل إطار الزواج، خاصة الفتيات، وبهذا أعتقد أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو مواقع التعارف بهدف قضاء وقت حميمي، تقتصر على أقلية من المجتمع المغربي والتي يمكن أن نقسمها إلى فئتين: المراهقون وأولئك الشباب الذين يعرفون تماما ما الذي يبحثون عنه في تلك المواقع".
وأوضح أن هذه التطبيقات والمواقع تساعد الشباب على الالتفاف أو الهروب من القوانين والقيم والتقاليد الذين يجدون أنفسهم أمامها، و"التي تمنعهم من ممارسة حياتهم الجنسية بالشكل الذي يريدونه" وأضاف أن هذه المنصات، تسمح لهم بـ"الحديث في مجموعة من المواضيع الجنسية، وأيضا تكوين فكرة على اللقاء بين الرجل والمرأة ومعرفة توقعات بعضهم البعض، رغم أن هذا التعارف قد لا يؤدي إلى علاقة جنسية فعلية".
وختم تصريحه قائلا "نظرا لارتفاع سن الزواج، حسب المعطيات التي أدلت بها المندوبية السامية للتخطيط (28 بالنسبة للفتيات و30 بالنسبة للذكور)، يقبل الشبان والشابات أكثر فأكثر على هذه المواقع لتلبية احتياجاتهم الجنسية".
*أسماء مستعارة