نشرت مجلة علوم الأرض الافريقية في أكتوبر الماضي دراسة جديدة، قام من خلالها فريق من العلماء الأوروبيين بالتعرف على نوعين من آثار أقدام الديناصورات المرتبطة بالحيوانات المفترسة الجوراسية الكبيرة في سويسرا اليوم والبرتغال وإسبانيا (التي تنتمي إلى لوراسيا) والمغرب (الذي كان في غندوانا).
وقام الباحثون بإجراء هذ الدراسة من خلال الاستعانة بثلاث عينات من آثار أقدام ديناصورات، تم العثور عليها في المغرب بدمنات، الواقعة بمنطقة أزيلال في أوائل الثمانينات، ومقارنتها بآثار أقدام تم العثور عليها في مجموعة من الدول الأوروبية، إذ كشفت النتائج أن آثار أقدام الديناصورات تتشابه فيما بينها إلى حد ما، وأن هذه الكائنات كانت تتنقل بين القارتين عبر بحر ضحل كان يفصل بينهما قبل أكثر من 145 مليون سنة، حسب ما أورده موقع "ريد هيستوريا".
وأوضح العلماء، أن هذه الآثار تعود إلى ديناصورات لاحمة تسير على قدمين تشبه الديناصور "تيرانوصور ريكس"، وقال باحث مشارك من جامعة برشلونة المستقلة في هذه الدراسة يدعى دييغو كاستانيرا، "لقد حددنا من ناحية آثارا لأقدام كبيرة ونحيلة بحجم يتراوح بين 30 و50 سنتيمترا، ومن ناحية أخرى آثار أقدام عملاقة وقوية يزيد حجمها على 50 سنتيمترا".
وقام الباحثون باستخدام طريقة جديدة مكنتهم فعليا من إجراء مقارنة آثار الأقدام المتحجرة والتمييز فيما بين مختلف أنواعها، وقال كاستانيرا إنه "لا يمكننا أن نحدد على وجه اليقين ما الحيوان الذي ترك خطوة معينة لأن الديناصورات المختلفة ذات الصلة يمكن أن تترك آثارا متشابهة للغاية"، وأشارت النتائج إلى أن الاختلافات بين مجموعتي البصمة التي تم تحديدها مهمة، إذ إنها تعود إلى نوعين مختلفين من الديناصورات، لكنهما وثيقا الصلة ببعضهما البعض.
وفي هذا السياق، يعتقد العلماء أن أثار الاقدام التي تم العثور عليها تعود على الأرجح إلى نوعين من الديناصورات عاشا في الحقبة نفسها تقريبا، وهما الألوصور(Allosaurus) الذي يُعد من أضخم الديناصورات آكلة اللحوم التي ظهرت على وجه كوكب الأرض ويصل طوله إلى تسعة أمتار ووزنه إلى 2.5 طن، و"تورفوصوروس" (Torvosaurus) الذي يبلغ طوله نحو عشرة أمتار ووزنه بين أربعة وخمسة أطنان عاش منذ 153 إلى 148.
وأشارت الدراسة إلى أنه سبق أن تم العثور فعلا على بقايا عظام هذين الديناصورين في البرتغال، وهو ما يؤكد وجود اثنين من الحيوانات المفترسة الفائقة في النظم الإيكولوجية الأرضية من أواخر العصر الجوراسي.
وللإجابة على كيفية انتقال الديناصورات بين قارتي "لوراسيا" و"غندوانا"، يرى الباحثون أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات، مع ذلك يتوقع كاستانيرا أن يثير الجواب إشكالات علمية جديدة "لأن الدراسات الجيولوجية تشير إلى وجود بحر عميق بين القارتين".
ويرى الباحثون أن تواجد نفس النوع من الديناصورات في مثل هذه الأماكن البعيدة يدفع العلماء إلى طرح نظرية انتشار الديناصورات بين القارات خلال العصر الوسيط، وهو العصر الذي عاشت فيه الديناصورات، مما يرجح أن تكون هذه الحيوانات الكبيرة قادرة على الانتقال بين أفريقيا وأوروبا على كتل برية خلال فترات انحسار قصيرة للبحر بين جنوب إيطاليا ومنطقة البلقان وشبه الجزيرة الإيبيرية وشمال أفريقيا.