أصبحت بعض الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي التي يسميها البعض "مقالب" تحقق نجاحا واسعا رغم ما تنطوي عليه من مخاطر، وذلك بسبب التجاوزات والمواقف الصادمة التي بدأت تخللها. ففي الوقت الذي كان هذا النوع من الفيديوهات في السابق يبعث الفرح والمرح في نفوس الناس، أصبحت الآن تشكل مصدر ذعر وخوف سواء على نفسية الضحايا أو مشاهديها، وهو ما نلاحظه في مقلب لشاب يدعى خالد ومشهور بمقالبه التي يكون ضحيتها والده.
ففي شريط فيديو مدته 23 دقيقة، حقق حوالي مليون مشاهدة على اليوتيوب، يظهر الشاب خالد وهو يقوم بمقلب لأبيه بتعاون مع بعض أصدقائه، حيث قاموا بجمع أثاث المنزل ونقله إلى مكان أخر على أساس أن المنزل تعرض للسرقة، وبعد عودة الاب إلى المنزل بدى منهارا من الواقعة وتحت الصدمة، ليخبره ابنه بعد بضعة دقائق بأنها مجرد مزحة "سيشاهدها حوالي 850 ألف مشاهد".
وفي فيديو آخر، قام شاب بمقلب لأخته، حيث أوهمها عند دخولها إلى المنزل أنه تعرض لاعتداء أودى بحياته، إذ ظهر في الفيديو وهو ملقى على الأرض ملطخا بالدم وبجانبه سكين ملطخ أيضا بالدم، لتفقد الأخت وعيها تقريبًا معتقدة أن شقيقها قُتل. ويظل هذين المثالين مجرد نموذج لعدة فيديوهات مماثلة أصبحت تكتسح مواقع التواصل الاجتماعي فما الدافع الحقيقي وراء المقالب وكيف يراها خبراء الصحة النفسية؟
بالنسبة لمروان هرماش، الخبير في شبكات التواصل الاجتماعي، يمكن تلخيص الإجابة على هذا السؤال في ثلاث كلمات "المال والشهرة والملل"، إذ يرى أن معظم هذه المقالب التي قد تكون أحيانًا "مؤدية" يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي في محاولة "لكسب بعض الأموال من اليوتيوب واكتساب شهرة وملء وقت الفراغ".
وأوضح في حديثه لموقع يابلادي، أن هذه الأسباب الثلاثة تدفع بـ "اليوتوبرز" المغاربة إلى دخول هذه الدوامة، وهو ما ينتج عنه وجود فيديوهات "غير مفيدة" بل و"مؤدية"، دخل أصحابها في "منافسة"، إذ أصبح الشباب المغاربة يتهافتون على إنتاج "مقالب مجنونة" بغض النظر عن عواقبها.
ويرى مروان هرماش أن هذه المقالب يمكن أن تكون مصدر أدى سواء لأصحابها أو ضحاياهم، كما أن هؤلاء الشباب ينتهكون خصوصياتهم عن طريق "الكشف عن هوياتهم وهويات عائلاتهم ونمط حياتهم وأنشطتهم اليومية" وأضاف "ينسون تماما أن ما يتم نشره على الإنترنت يبقى هناك إلى الأبد".
من جانبه قال محسن بنزاكور، وهو أستاذ للتعليم العالي متخصص في علم النفس، في تصريح ليابلادي إن الشباب المغاربة يقومون بنشر هذا النوع من الفيديوهات لأنهم لعدم وجود "مراقبة"، وذلك نظرا لطبيعة الإنترنت والحرية التي تمنحها، مشيرا إلى أنه في السابق أثناء ظهور التلفاز والإذاعات "كانت هناك هيئات تراقب جميع ما يتم إنتاجه وبثه، ولكن الآن في زمن الإنترنت، من الصعب القيام بذلك" وأضاف أنه أصبح بإمكاننا استخلاص طريقة تفكير هؤلاء الشباب ومتابعيهم من خلال هذه الفيديوهات.
وأضاف أنه للقيام بهذه المقالب يتم تجاهل "الصحة البدنية والعقلية والعاطفية للناس" والاكتفاء بالتفكير في النجاح الذي ستحققه على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تتلخص في عدد "الإعجابات والمشاركات وبمعنى آخر الدخل المادي".
وأنهى محسن بنزاكور حديثه قائلا، إنه عند رؤيتنا لكمية الادى النفسي الذي يتعرض له ضحايا هذه المقالب، سواء من طرف الأصدقاء أو الأقارب، فيمكننا أن نستخلص "كيف يمكن للإنسان أن يستمتع بألم وبؤس الآخرين".
بدوره ألقى عالم الاجتماع المغربي فؤاد بلمير باللوم على التعليم والتغيير السريع الذي يواجهه مجتمعنا مع ظهور تقنيات تكنولوجية ومنصات جديدة، موضحا أن "هذا التغيير السريع لم يمنح المغاربة الوقت لاستيعاب فوائد الإنترنت".
وشدد في تصريح لموقع يابلادي على ضرورة مراقبة الآباء لأبنائهم أثناء استعمالهم لهواتفهم الذكية، وقال "رغم أننا نعتقد أنهم في أمان داخل غرفهم، إلا أنه مشاهدتهم لبعض الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، قد تؤثر عليهم سلبا".