منذ ما يقارب نصف مليار سنة تبنى حيوان "مفصليات ثلاثية الفصوص" سلوكيات جماعية واجتماعية، ساهمت في إبقائه على قيد الحياة، وهو "أكثر سلوك جماعي على الاطلاق"، حسب دراسة نشرتها يوم أمس الخميس مجلة "سيونتيفيك ريبورت".
وأشار موقع "إر إف إ" إلى أن هذه المفصليات الثلاثية الفصوص، وهي طائفة من مفصليات الأرجل تقع ضمن الأحفوريات البحرية المنقرضة، تم اكتشافها في منطقة فزواتة المتواجدة بإقليم زاكورة، من قبل فريق دولي، يضم باحثين مغاربة، وقالت موغييل فيدال، وهي أستاذة وباحثة في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي بجامعة بريتاني إن هذا الحيوان عاش خلال الحقبة الأولية، قبل 480 سنة.
وبالرغم من أنه سبق أن تم اكتشاف هذا النوع من الحيوان في أماكن عديدة، إلا أن تلك التي تم اكتشافها بفزواتة مثيرة للاهتمام بشكل خاص، حيث تظهر وهي تسير بشكل متتابع و"تكاد تكون متداخلة واحدة تلو الأخرى ومحاذية لبعضها البعض".
وأوضح بلاغ صادر عن جامعة القاضي عياض بمراكش أنه تم العثور على هذه المفصليات الثلاثية الفصوص "تتوجه نحو نفس الاتجاه، وتشكل طوابير منتظمة وتحافظ على اتصال وثيق مع بعضها البعض من خلال أجزاءها الشوكيّة الطويلة جدًا" وأضاف أن الباحثين "كشفوا أن هذه الحيوانات اكتسبت (...) سلوكيات جماعية مذهلة، أكثر من ذلك اجتماعية ضرورية، تبقيها على قيد الحياة".
وقال الباحثون حسب وكالة " أسوشيتيد برس" إنه من خلال التحاليل التي تم إجراؤها، "فإن هذا التناغم والترابط ربما ليس نتيجة لانتشار سلبي أو أيضا بسبب التيارات" حيث يعتقد جان فانيير، أحد المشاركين في الدراسة من جامعة ليون، أن "الأسباب المحتملة لهذه السلوكيات الجماعية تشمل الضغوطات البيئية أو أيضا نتيجة التكاثر".
وأشارت نتائج الدراسة أيضا إلى العوامل والحالات التي تحجرت فيها هذه المفصليات الثلاثية الفصوص، حيث من المرجح أن تكون تحجرت "خلال هجرتها"، وهي الفرضية التي أكدها تحليل التضاريس المحيطة، حول "حركة المياه في قاع البحر"، إذ يوضح الباحثون أنه نظرا للفترة الزمنية التي كانت تتواجد بها هذه الحيوانات وأيضا لعمق المياه، من الممكن أن تكون هذه المفصليات الثلاثية، تأثرت بالأمواج الناتجة عن الرياح القوية على سطح المكان، وترى الباحثة مورييل فيدال أنه في هذه الحالة "فرضية الهجرة المتعلقة بالعواصف أمر منطقي".
كما أعطت الدراسة فرضية أخرى والتي لها علاقة أيضة بالفترة الزمنية التي عاشت فيها هذه الحيوانات البحرية، وأوضح الباحثون أنه "قبل 480 مليون سنة، وحسب تكتونيات الصفائح، فقد كان المغرب قريبا من القطب الجنوبي" حسب ما ذكره موقع "إر إف إ".
وخلصت الدراسة من خلال هذه الحفريات إلى أن "السلوك الجماعي له أصل قديم جدًا وربما تم تطويره مع التنوع الاحيائي، مع العصر الكامبري هو أول العصور الستة من حقبة الحياة القديمة ودهر البشائر، وأيضا مع العصر الأوردوفيشي وهو ثاني العصور الستة من حقبة الحياة القديمة ودهر البشائر، استجابةً لزيادة الضغط الانتقائي المرتبط بتعقيد النظم الإيكولوجية "، حسب بلاغ جامعة القاضي عياض.