على بعد كيلومترين من الجهة الشرقية لقرية تافوغالت، تقع مغارة الحمام، التي تم تصنيفها كتراث وطني بفضل الغنى الأركيولوجي الذي تزخر به، ما جعلها تدخل ضمن قائمة الأماكن المرشحة لدخول التراث العالمي لليونيسكو، منذ يوليوز 1995، نظرا لمكانتها وتاريخها العريق.
ويرى علماء الاثار، أن المغارة تحمل أسرارا ثمينة حول تاريخ البشرية، وذلك بعدما عثر فريق بحث في علم الآثار والجينات من المغرب وبريطانيا وألمانيا سنة 2018، على أقدم جينات بشرية بإفريقيا يبلغ عمرها 15 ألف سنة داخلها.
وبعد هذا الاكتشاف نشرت وزارة الثقافة والاتصال بيانا قالت فيه نقلا عن باحثة بمعهد التاريخ الطبيعي بلندن وأحد المشاركين في هذه الدراسة تدعى، لويز هامفري إن "مغارة الحمام مهمة جدا لفهم التاريخ البشري القديم بشمال غرب إفريقيا لأن الإنسان العاقل تواجد بها بشكل مستمر ولمدة طويلة منذ العصر الحجري القديم الأوسط الى العصر الحجري القديم الأعلى" وأشارت إلى أنه منذ حوالي 15 ألف سنة، استعمل الإيبيروموريون المغارة بشكل مكثف وشرعوا في دفن موتاهم بداخلها.
وقبل ذلك، بدأ المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بإجراء حفريات أثرية داخل المغارة برفقة فريق مغربي إنجليزي منذ سنة 2003 بقيادة الأستاذ والباحث المغربي عبد الجليل بوزوكار، ليعثروا في سنة 2007 على أقدم صدفيات يتراوح عمرها ما بين 84 و85 ألف سنة.
وفي تصريح سابق قال باحث بوزوكار لوكالة المغرب العربي للأنباء سنة 2018، إنه تم العثور على آثار جينات "الهوموسابيان" الذي أوضح أنه "يتميز بخصائص مماثلة للإنسان الحالي، غير أنه أكثر قوة ببنية عريضة"، مؤكدا أن الفترة التي عاش فيها (أي قبل 15 ألف سنة) "تميزت على الخصوص بنهاية أزمة جفاف حادة بإفريقيا وبداية ظهور بعض التساقطات".
وشهد الباحث المغربي على عبقرية هذه الساكنة التي تمكنت من إيجاد حلول ملموسة من أجل الخروج من هذه الأزمة المناخية، وأوضح أن "الإنسان الحالي يمكنه أن يتعلم كثيرا من سكان تلك الحقبة وخبرتها في مجال مواجهة التغيرات المناخية".
من جهة أخرى أكد الباحث بوزوكار أن المغارة شهدت أول عملية جراحية بالعالم، وقال إن "العثور على ثقب بجمجمة رأس بهذه المغارة قاد إلى اكتشاف أن أول عملية ناجحة لجمجمة، وبذلك اعتبر رجل تافوغالت من أقدم الجراحين في العالم".
كما اكتشف الباحثون رسوم منحوتة على الحجر "تشهد على النشاط الفني لدى الإنسان بهذه المغارات" بالإضافة إلى أقدم ثياب الثيا في العالم ترجع إلى 100 ألف سنة.
وفي سنة 2010، عثر الباحثون على هياكل عظمية تعود لسبعة أطفال يبلغ عمرها 12 ألف سنة، كانوا يتواجدون داخل حجر جيري ذو اللون الأزرق المغطى بالمُغْرَة (حجر يستخرج منه صبغ أحمر بني مصفر) باللون الأحمر، حسب ما أورده موقع "Aujourd’hui le Maroc".
وفي هذا السياق قال الباحث عبد الجليل بوزوكار، إنه كانت لهؤلاء الأطفال مكانة مهمة للغاية عند إيبيروموريسيين، وهم سكان ساحل شمال افريقيا في الفترة بين العصر الحجري القديم العلوي والعصر الحجري الوسيط حوالي 20.000 إلى 10.000 سنة قبل الميلاد.
من جهة أخرى ذكرت جمعية "طبيعة وتراث" على موقعها الرسمي، أنه تم استخراج مجموعة من المدافن البشرية وأيضا أدوات تعود للفترة ما قبل التاريخ، مشيرة إلى أنها "لازالت زالت تتمتع بتراث لا يُقدّر بثمن". وفي تصريح لموقع يابلادي أبرز محمد بوتشيش، رئيس الجمعية، أهمية هذ المغارة على المستوى العالمي، مشيدا بمكانتها في "فهم أفضل للبشرية".