القائمة

أخبار

أطباء وعلماء اجتماع يحذرون من الانتشار المتزايد للطب التقليدي

يفضل بعض المرضى التداوي بالطرق التقليدية بدلا من الطب الحديث، ويلجؤون لتناول الأعشاب دون وصفات طبية، وهو ما يؤدي في بعض الأحيان إلى ما لا يحمد عقباه. واتفق الأطباء وعلماء الاجتماع على التحذير من اللجوء إلى المشعوذين، مشيرين إلى الدور الذي تلعبه بعض المنابر الإعلامية في تشجيع مثل هذه الممارسات.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

 أصبح إقبال المغاربة بمختلف مستوياتهم العلمية والاجتماعية على التداوي بالأعشاب، في تزايد مستمر، وهو ما يحذر منه الأطباء ويؤكدون أنه يشكل خطرا على صحة المريض.

أطباء والتداوي بالأعشاب

وفي تصريح لموقع يابلادي قال الدكتور المهدي بنسودة، وهو طبيب مقيم بمصلحة الامراض النسائية "للأسف هناك مجموعة من المرضى الذين يتابعون وصفات علاج تقليدية، ولا يحترمون الجرعات المناسبة مما يؤدي إلى إصابتهم بتسممات، وقد يتسبب ذلك في الوفاة".

ويرى المهدي بنسودة أن التداوي بالأعشاب ليس أمرا سيئا "لكن يجب أن يتم وصف العلاج من طرف الأطباء المختصين وليس من طرف المشعوذين أو المتطفلين على المجال"، وأكد بالمقابل أن هذه الطريقة في العلاج "لا تصلح لجميع الحالات حيث يمكن استخدامها في بعض الحالات كصداع رأس أو ألم البطن الخفيف أو الزكام وغير ذلك من الأمراض البسيطة".

وتابع" مثلا هناك بعض السيدات تلاحظن ظهور بعض الإشارات والاعراض على مستوى ثديهن وذلك نتيجة إصابتهن بسرطان الثدي، وبدل أن تلجأن إلى الطبيب، تقمن بطلاء الحناء على موضع الألم، وحين تقصدن الطبيب بعد تفاقم المرض يكون الأوان قد فات".

وأشار إلى أن هناك حالات منتشرة أخرى، مثل لجوء بعض السيدات إلى المشعوذين للإجهاض، "حيث يتناولن أعشابا تساعدهن على التخلص من الجنين، غير أن ذلك يتسبب في غالب الأحيان في حدوث نزيف، وقد يصل الأمر إلى الوفاة".

ويرى بنسودة أن هذه الظاهرة أصبحت تتفشى في الآونة الأخيرة، "بمساهمة من بعض المنابر الإعلامية، التي تفسح المجل لبعض الأشخاص الذين يتحدثون عن الأعشاب ومنافعها ودورها في معالجة العديد من الأمراض".

كما أرجع في حديثه للموقع إقبال البعض على التداوي بالأعشاب إلى "التقاليد التي يتربى عليها المواطن المغربي". ودعا جميع المرضى إلى "عدم الخلط بين الطب التقليدي الذي له قيمته أيضا، والذي توصف فيه جرعات مناسبة من الأعشاب، وبين المشعوذين والأشخاص المتطفلين على المجال الذين يصفون علاجات من تلقاء نفسهم وبدون أي علم أو معرفة بنوع وخطورة المرض".

بدورها أكدت طبيبة مختصة في الجهاز العصبي، في تصريح لموقع يابلادي أن هذه الظاهرة أصبحت منتشرة بشكل كبير، وتذكرت إحدى الحالات قائلة "أصيبت إحدى السيدات في النخاع الشوكي ما جعلها تعاني من شلل على مستوى رجليها، وذلك بسبب خضوعها لعلاج بالحجامة دون استشارة طبية، للأسف لم يكن في وسعنا فعل أي شيء بعد فوات الأوان".

من جهته أكد الدكتور علي الودغيري، وهو أخصائي في الجهاز الهضمي أنه أصبح من الشائع جدا أن يلجأ المريض إلى الطب التقليدي بدل الطب الحديث، "فعند فقدانه الامل من الادوية يتوجه إلى الطب التقليدي"، وأضاف "هناك حالات مرضية يتوجه فيها المريض غالبا إلى الطب التقليدي أولاً قبل الطب الحديث، مثلا عند الإصابة باليرقان، ما يعرف بالدارجة المغربية "بوصفير" يميل كثير من الناس إلى علاجه باستخدام شكل من أشكال الكي المغربي والذي غالبا ما يترك ندبات في الجسم".

ويرى الأخصائي في الجهاز الهضمي، أنه "من الصعب تغيير هذه الممارسات لأن ذلك مرتبط بالثقافة المغربية، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة تنتشر أكثر في صفوف الأشخاص ذوي المستوى التعليمي الضعيف وسكان القرى، الذين يصعب عليهم التنقل من البادية إلى المدينة بشكل منتظم، لكن هناك أيضا أشخاص مستواهم التعليمي عال، ويلجؤون بدورهم إلى التداوي بالأعشاب".

علماء الاجتماع والطب التقليدي

واشترك علماء الاجتماع مع الأطباء في التحذير من مخاطر اللجوء إلى الطب التقليدي، ففي تصريح لموقع يابلادي، قال عالم الاجتماع عبد الجبار بوستة، إن الانسان أصبح "يلجأ لكل ما هو طبيعي، سواء من منتوجات أو أدوية، وهذا أمر جيد لصحته، لكن إذا تم وصف ذلك من قبل شخص متخصص".

وأكد أن هذه الظاهرة متعلقة بالوعي وليس لها علاقة بالعلم او الثقافة، "فليس كل متعلم هو إنسان واع"، فبالنسبة له الإنسان الواعي عند إصابته بأي مرض، "يستخدم عقله ويحاول التفكير بالمنطق وإيجاد حلول إيجابية للمشكل، عكس الانسان الجاهل والغير واعي الذي يستسلم بسرعة".

ويرى عبد الجبار بوستة، أنه في السابق كان الانسان "يسمع أن شخصا ما تعافى بالرقية أو الأعشاب وغيرها عن طريق الجيران، أو العائلة لكن ولسوء الحظ أصبح الامر مختلفا، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورا مهما في تفشي هذه الظاهرة"، وأضاف أن المشعوذين يشتغلون باسم الدين الذي يعتبر نقطة ضعف عند كثير للمغاربة.

وشدد عالم الاجتماع على أن اللجوء إلى التداوي بالطرق التقليدية "يعتبر موروثا تقليديا اكتسبناه منذ طفولتنا ولم نحاول تغييره، فالمغربي تربى على قناعة أن المريض يمكن معالجته بالبركة والفقيه".

وأنهى كلامه قائلا، إن الحل يكمن في التربية "وذلك من خلال تعليم الأطفال في المدارس، أن أي شيء غير مرتبط بالعلم، يدخل في باب الخرافات"، كما أكد على ضرورة فهم "الدين جيدا واستيعاب أن القرآن يمكن أن ينزل السكينة ويجلب الراحة للإنسان مما يساعد في علاجه، أي أنه ليس علاجا بحد ذاته وإنما مكمل للعلاج".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال