فتيحة السعيدي مهاجرة مغربية تقيم في بلجيكا، ولدت يوم 19 مارس 1961، في مدينة وهران الجزائرية، بعدما انتقل أجدادها من الريف المغربي إلى الجارة الشرقية، وكان قدرها بعد خمس سنوات أن تهاجر، حيث التحقت رفقة والدتها وأختها بوالدها في بلجيكا، وعاشت طفولة عادية، لكن ومع بلوغها سن السابعة عشرة ستنقلب الأمور رأسا على عقب، إذ قرر والديها إجبارها على الزواج وترك المدرسة لتصبح ربة بيت وأم.
وبعد مرور إحدى عشرة سنة على زواجها وإنجابها فتاتين، انفصلت فتيحة عن زوجها وعادت إلى مقاعد الدراسة، لتصبح فيما بعد طبيبة نفسانية، إلا أن مجرى حياتها تغير نرة أخرى، بعد وفاة ابنتها البالغة من العمر 13 سنة، التي كانت تعاني من إعاقة شديدة. وبعد تجاوزها لهذه الأزمة تزوجت فتيحة مرة أخرى ورزقت بطفل آخر، وولجت عالم العمل الجمعوي للدفاع عن مجموعة من القضايا، بينها حقوق المرأة وحق التصويت للمهاجرين.
في سنة 1992، أصبحت فتيحة السعيدي أكثر تعاطفا مع القضايا التي يدافع عنها حزب "إيكولو" البلجيكي ، لتلج بعدها إلى عالم السياسة، وقالت في تصريح لموقع يابلادي، "لقد أصبحت مواطنة بلجيكية وكنت أرى أنه لم يتغير أي شيء في المشهد السياسي، فيما يخص حق التصويت للمهاجرين، لذلك قررت دخول غمار السياسة"، لتصبح بعد ذلك عضوا في برلمان بروكسل سنة 1999 قبل أن تغادر حزب "إيكولو" سنة 2013.
بعد مرور سنة واحدة، كان اسمها على قائمة الحزب الاشتراكي البلجيكي، الذي كانت قد انضمت إليه قبل بضعة أسابيع، لتعود مرة أخرة إلى عضوية البرلمان في بروكسل رغم أن اسمها كان في ذيل القائمة، وقالت "كنت في المرتبة 60 في قائمة كانت تضم 75 مرشحًا".
في سنة 2010، طلب الحزب الاشتراكي البلجيكي من السياسة المغربية القيام بحملة من أجل الانتخابات الفيدرالية، وجاء اسمها في المرتبة التاسعة على القائمة، وعلى الرغم من أنها لم تكن ترغب في ترك منصبها في برلمان بروكسل والانضمام إلى مجلس الشيوخ، إلا أنها حصلت على 40.000 صوت ليتم بذلك انتخابها "كنت حزينة في البداية لأنني كنت أود أن أبقى عضوا في برلمان بروكسل، لكنني لم أتمكن من ذلك وتم منح مقعدي لشخص آخر، وغادرت برلمان بروكسل لأصبح عضوا في مجلس الشيوخ".
وفي سنة 2014، أعلنت السعيدي أنها ستتقاعد عما قريب، لتف بوعدها في دجنبر من سنة 2018، وقبلها بسنة قررت نشر كتاب مع محمد مولاي، تحت عنوان بـ "النمل المفترس".
"في الوقت الذي غادرت فيه المجال السياسي، كنت قد أنهيت كتابي الثاني روابط الزواج القسري. قررت أن أكتب رواية مستوحاة من قصتي، لكن مع إضافة القليل من الخيال. صدر هذا الكتاب في فبراير 2019 في بلجيكا وحقق نجاحًا متواضعا".
فتيحة السعيدي
وتسهر فتيحة السعيدي حاليا على تأليف كتاب آخر، يتحدث عن السيدات المسنات المنحدرات من الريف، وهو الكتاب الذي تعمل عليه منذ سنة 2008 والذي من المقرر أن يعرض في معرض الكتاب بالدارالبيضاء سنة 2020.
وبالموازاة مع مسارها في عالم السياسة والتألف، واصلت فتيحة كفاحها في العمل الجمعوي، بالانخراط في جمعية بلجيكية وأصبحت رئيستها بعد ذلك، وتهدف هذه الجمعية إلى تدريب ومساعدة السيدات لتولي القيادة مستقبلا.
ومن موقعها باعتبارها فاعلة جمعوية، تقدم فتيحة تقييما للهجرة المغربية باتجاه بلجيكا وتقدم عدة نماذج مثل حملة تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين، أو ارتفاع عدد المغاربة المهاجرين الذي يلجون عالم السياسية في بلجيكا.
وتحدثت في هذا الصدد عن رشيد مدران و فضيلة لعنان باعتبارهما ناشطين من الحزب الاشتراكي أصبحا الآن وزيرين، وزكية خطابي التي تشرف حاليا على تسيير حزب "إيكولو" رفقة أحمد لعوج. بالمقابل عبرت عن قلقها من تزايد موجة العنصرية وكراهية الأجانب، والتمييز في التوظيف الذي أصبح الشباب يعانون منه بشكل أكبر في الوقت الراهن.
ورغم انخراطها في العمل السياسي ببلجيكا، إلا أن فتيحة لاتزال تهتم ببلدها الأصلي، وقالت "فيما يتعلق بالبنية التحتية والتنمية في المغرب، هناك بعض الأشياء الجيدة جدا التي يتم القيام بها، وهناك أشياء يجب تحسينها. لكن ما أراه مؤخرًا يبدو مقلقًا بالنسبة لي. يجب مراجعة قطاع التخطيط، لأنه عندما نرى أشخاص يموتون بسبب البناء فوق مجرى النهر، فهذا أمر غير منطقي".
كما تحدثت عن قلقها بخصوص موضوع الحريات الفردية في المغرب، وأشارت إلى قضية الصحافية هاجر الريسوني المعتقلية بتهم "الإجهاض" و"الفساد"، وعبرت عن تفاؤلها في أن تتحسن الأمور في المستقبل،.