تحدث منابر إعلامية مغربية عن طلب وزارة الداخلية رأي الأحزاب السياسية في إقرار التصويت الإجباري خلال الانتخابات التشريعية التي ستجرى سنة 2021. واستأثر الخبر باهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب بين من يؤيده ومن يعارضه.
وفي تصريح لموقع يابلادي شكك عبد الرحيم العلام أستاذ العلوم السياسية بجماعة القاضي عياض بمراكش في إمكانية إقرار التصويت الاجباري وقال "من الناحية التقنية، كيف ستفرض الدولة على شباب في سن 18 التصويت؟ ماهي العقوبة في حال امتناعهم، ما الذي ستحجز لهم عليه؟".
وتابع "الدولة لم تستطع استخلاص الضرائب من الأشخاص المفروضة عليهم بقوة القانون، فكيف ستستخلص الضريبة من مواطن رفض التصويت؟ أم ستدخل الرافضين السجن؟ وسيكون هذا الأمر غير ديمقراطي وليس فيه توازن بين العقوبة والجنحة".
وزاد قائلا "من الناحية الديمقراطية، العقوبة تكون على الممتنعين عن القيام بواجب كالتجنيد الإجباري مثلا، والتصويت ليس واجبا بل حقا، والحق لا يمكن أن تفرض على الانسان الاستفادة منه".
وأوضح في تصريحه ليابلادي أن "الدولة عندما تعلن عن نسبة المشاركة تعلن عنها انطلاقا من المسجلين في اللوائح الانتخابية ولا تأخذ بعين الاعتبار غير المسجلين، اليوم إن فرض على الجميع التصويت، فسنجد أنفسنا أمام نسبة مشاركة ضعيفة جدا، وإن تم فرض الإجبارية على المسجلين فقط، فالعديد سيمتنعون عن التسجيل في اللوائح الانتخابية حتى لا يعاقبون لامتناعهم عن التصويت".
وأكد أن هذا الموضوع يثار كلما اقترب موعد الانتخابات، ووصفه بأنه "جعجعة بدون طحين"، وقال "إذا تم هذا الاجبار، فهو هدية للذين يدعون للمقاطعة، لأن ذلك سيخدمهم بشكل كبير"، وأوضح أن "فئات جديدة ستنظم إلى المقاطعين ضدا في هذا القانون، وفئات أخرى ممن لم تسمح لهم ظروفهم بالمشاركة، والغير مبالون ستفرض أيضا عليهم ضرائب وعقوبات، إذن سيجتمع كل هؤلاء ليحتجوا على الدولة".
وزاد قائلا "من جهة أخرى مجموعة من الناخبين الذين يصوتون عن قناعة، سيخلق عنهم اعتقاد بأنهم ذاهبون للتصويت خوفا من العقاب وهذا إشكال".
التصويت الإجباري "قرار استباقي"
من جانبه قال المحلل السياسي عبد الصمد بلكبير في تصريح لموقع يابلادي "إلزامية التصويت ليست لها قيمة سياسية كبيرة، لأن الإلزامية بالمشاركة لا تعني عدم الامتناع، وبالتالي عدم الامتناع سيصبح معبرا عن العزوف من جهة والمقاطعة من جهة أخرى".
وواصل حديثه قائلا "الجميع يعرف أن المشاركة في الانتخابات حق، والكل يعلم أيضا أن العديد من الدول وآخرها البرتغال اعتبرت هذا الحق واجب، والكثير من الحقوق هي بمثابة واجبات، مثلا الحق في الحرية: لا يملك أيا كان الحق في أن يصبح عبدا".
وعبر بلكبير عن اعتقاده بأن "المقصود بهذا الإجراء ليس العزوف، وإنما الذين يقاطعون. والذين يقاطعون ليسوا طرفا واحدا، هناك طرف معروف هو العدل والإحسان والنهج الديمقراطي، وهؤلاء معروفون ومحسوبون تقريبا من طرف الدولة، ولكن هناك توجه جديد للمقاطعة يستبطن أصحابه موقفا سياسيا أخطر، ويحملون إديوليوجية عنيفة متطرفة. هو تيار ليس له مركز وشعبوي ويمكن أن نقول إرهابي".
وأوضح أن الدولة ان اتخذت هذا القرار "فسيكون لضبط هؤلاء، والتجنيد الاجباري يدخل ضمن هذا الإطار. هي استراتيجية استباقية".
بدوره قال الباحث في العلوم السياسية محمد شقير في تصريح خص به موقع يابلادي إن تطبيق هذا الاجراء من عدمه "يبقى مرتبطا بالموازنة بين مخاطره ومحاسنه من قبل وزارة الداخلية". وتابع أن "الاجبار على التصويت سيكسر مجموعة من التوازنات التي تبحث عنها السلطة، فهناك من سيعمل على التصويت بالورقة البيضاء، وهناك من سيميل إلى حزب لا تنظر إليه السلطة بعين الرضا، وهو ما يمكن أن يؤثر على خريطة التوازنات السياسية والحزبية". وختم حديثه قائلا "السلطة تريد نسبة مشاركة مرتفعة، ولكنها لا تريد كسر التوازنات".