ولدت زبيدة بريك في مدينة الرباط وترعرعت وتلقت تعليمها الابتدائي والثانوي في مدينة سلا، لتحصل بعدها على إجازة في الحقوق من جامعة محمد الخامس في الرباط سنة 1994.
وفي نفس السنة قررت زبيدة متابعة دراستها لنيل شهادة الدكتوراه في اسبانيا، رغم أنها كانت تنوي القيام بذلك في بلجيكا، لكن شاءت الأقدار غير ذلك، وانتهى بها المطاف في جامعة الحقوق بمدريد تخصص العلاقات الدولية، وقالت زبيدة في تصريح لموقع يابلادي "لم أتوقع يوما أنني سأذهب لاسبانيا، لكن كان ذلك الاختيار الوحيد المتاح أمامي، نظرا لأنني لم أقم بالتسجيل في الجامعات البلجيكية في الوقت المحدد"
وتتذكر زبيدة أيامها الأولى في اسبانيا قائلة "شعرت في البداية أنني إنسانة غريبة، ولم يكن ذلك بالأمر السهل حيث واجهت عدة صعوبتها أولها اللغة"، إذ كانت تعتقد زبيدة في البداية أن اللغة الاسبانية قريبة من الفرنسية لكن "أتذكر أول حصة لي في الجامعة، كان الأستاذ يتحدث بسرعة ولم أتمكن من فهم كلمة واحدة، عندها أحسست أنني اتخذت أسوأ قرار في حياتي بقدومي إلى إسبانيا".
ووجدت زبيدة نفسها مضطرة لولوج المدرسة الوطنية للغات في مدريد لتعلم اللغة الاسبانية، وكانت تحرص على حضور دروس اللغة صباحا ومحاضرتها في الجامعة مساء "كنت أذهب للجامعة لحضور المحاضرات بالرغم من أنني لم أكن أفهم حرفا منها، كان إحساسا صعبا للغاية" وتتذكر في إحدى الحصص "أخبرت أحد الاساتذة أنني لا أستطيع فهم ما الذي يقوله ليجيب: سيأتي يوم وتتمكني من ذلك"
وكانت تلك الكلمات قوية لدرجة أنها دفعتها لقراءة الكتب باللغة الاسبانية وترجمة "جميع الكلمات وأيضا تعلم الصرف والنحو"، لتتمكن بفضل ذلك وأيضا بفضل احتكاكها مع زملائها في الجامعة وكذا الدروس التي كانت تتلقاها في المدرسة الوطنية، من إتقان اللغة في وقت وجيز، وتصبح معانتها معها مجرد ذكريات.
ولم يكن حاجز اللغة المشكل الوحيد بالنسبة لزبيدة، "وجدت صعوبة في الأكل أيضا، لم أكن أفرق بين الأكل الحلال والحرام ما أجبرني على أكل البطاطس يوميا والمشروبات الغازية ما أدى إلى إصابتي بفقر الدم"، كما وجدت زبيدة صعوبة أيضا في المسكن، حيث استأجرت في البداية بيتا مع سيدة عجوز اسبانية بالإضافة إلى فتاة أخرى، إلى أن شاءت الأقدار أن تتعرف وتتزوج من زميل لها في الجامعة سنة 1998.
وفي أحد الأيام ومع انشغال زبيدة بحياتها الزوجية وأيضا دراستها بالجامعة، توصلت المحامية الطموحة برسالة من وزارة التربية والتعليم الاسبانية من أجل معادلة إجازتها المغربية في إسبانيا، لتتخذ حياتها منحى آخر، حيث قررت معادلة الاجازة بدل شهادة الدكتوراه، وتطلب الأمر منها ثلاث سنوات ونصف "كنت ملزمة بإعادة دراسة عشرة مواد من تلك التي سبق أن درستها في المغرب".
وبالموازاة مع إعانتها لأسرتها وإتمام دراستها، كانت زبيدة تشتغل أيضا في إحدى المكتبات التي تعنى بإدماج الهاجرين، حيث كانت تعطي دروسا للمهاجرين لاسيما المغاربة في مجموعة من المواد. ورغم أن طريق نجاحها كان طويلا وشاقا، إلا أنها تمكنت في الأخير من معادلة إجازتها سنة 2008، وتتذكر قائلة "كانت تجربة متعبة، بحكم أنني أصبحت وقتها أما لطفلين ما أجبرني على عدم حضور المحاضرات والاكتفاء فقط باستعارة كتب من مكتبة الجامعة وأيضا بعض الدروس من أحد الزملاء" وتابعت حديثها بكل افتخار "لكن كان الأمر يستحق ذلك".
ولسوء حظ المحامية المغربية، تصادف تخرجها مع الأزمة الاقتصادية التي هزت الاقتصاد العالمي، ووجدت زبيدة نفسها أمام مشكل آخر، "كنت أنوي الاشتغال مع الحكومة وأتقدم لمباريات حكومية، إلا أن الأمر لم يتحقق نظرا لانعدام فرص الشغل"، لكن وجدت المغربية الصبورة بديلا حيث قررت أن تقوم بالتسجيل في النقابة لتحصل على بطاقة المحاماة المهنية، وهي بطاقة معترف بها من طرف الدولة "رغم أن ذلك كلفني الكثير أيضا لأنني أنفقت من مالي الخاص". وقامت بعدها وتحديدا في سنة 2009 باستئجار مكتب صغير متواضع لتزاول فيه حلمها وشغفها الذي كلفها سنوات طويلة من حياتها في خيتافي وهي مدينة في المنطقة الجنوبية من مدريد.
وفي الوقت الذي بدأ حلم زبيدة يرى النور، واجهتها مشكلة من نوع آخر، حيث منعت في أحد الأيام من دخول المحكمة الوطنية من طرف أحد القضاة، لأنها امرأة محجبة "وقع ذلك عند حضوري لإحدى الجلسات بدعوة من بعض الزملاء الإسبان، كانوا يترافعون حول قضية تتعلق بالإرهاب لأتفاجأ بتصرف القاضي"، لتحدث قضيتها في حينها ضجة في اسبانيا وخارجها، كما تمت استضافتها في مجموعة من البرامج والمنابر الإعلامية الاسبانية بخصوص القضية التي أصبحت قضية رأي عام.
وقررت المحامية المغربية رفع شكاية قضائية ضد القاضي، لكنه تم تهميش قضيتها من المحكمة الاسبانية وأيضا من طرف المحكمة الأوربية، "أثر هذا الحدث سلبا على حياتي المهنية، لم أعد أتلقى الزبائن في المكتب خوفا منهم أن أخسر قضاياهم، ووقعت في أزمة حادة، لكن تلقيت بعدها عرضا للاشتغال في إحدى المحاكم الصغرى لمدة شهرين، ولم أتردد في ذلك"، وأضافت "اشتغلت بما يسمى هنا كمحامية للدولة، كنت أقوم بتوثيق الأوراق"، وقضت هناك حوالي ثلاث سنوات بدل شهرين، لما أظهرته من مثابرة وجد، لتعود بعدها لمزاولة مهنتها في مكتب للمحاماة رفقة أحد زملائها.
وتشتغل المحامية المغربية على عدة قضايا تتعلق بالأسرة والشغل وكذا القضايا التي تتعلق بالهجرة، "أشتغل في المجمل مع المغاربة وأحرص على قضاياهم بنفسي، كما أنني في بعض الأحيان أقدم لهم خدمات مجانية".