في هذا السياق سنحاول أن نقف عند مجموعة من النقاط حتى نكون قريبين من ملامسة حقيقة ما جرى على غرار معطيات ما وقع في هذه المدينة التي لا نسمع عنها الكثير.
مدينة تازة، المدينة الصغيرة التي تقع بين سلسلتي جبال الريف و جبال الاطلس و التي لها تاريخ في المقاومة المسلحة ضد المستعمر الفرنسي و التي تعد من أواخر القلاع التي سقطت تحت سيطرة المستعمر إبان المد الإمبريالي الفرنسي و ذلك راجع للمقاومة الشديدة التي واجهت بها قبائل هذه المدينة الاحتلال. مدينة تازة اليوم تعيش على وقع تراكمات لنتائج سياسات اقتصادية فاشلة. الشيء الذي دفع العديد من شبابها الى الهجرة إلى خارج أرض الوطن أو إلى المدن الكبرى طمعا في الحصول على شغل يعيلهم و يعيل عائلاتهم خاصة و أن الجامعات أصبحت بمثابة "معامل" لإنتاج معطلين و دفعهم إلى الشارع في الوقت الذي نشهد فيه غياب اقتصاد وطني قوي يسمح بانخراط هاته الفئة في الحياة الاقتصادية.
و هنا لا بد من الاشارة إلى معطى أساسي و ذو أهمية كبيرة، خصوصا في فهم المسألة التي سنتناولها هنا، أن المدينة عرفت و منذ مدة استعدادات أمنية مكثفة تم استقدامها من المدن المجاورة كل هذا بالموازاة مع موعد محاكمة الطالب المعتقل "عز الدين الروسي" الذي ينتمي إلى الفصيل الطلابي النهج الديمقراطي القاعدي، يوم 15/12/2011 و الذي سجل اعتصام لطلبة الكلية المتعددة التخصصات أمام المحكمة لمدة 4 ساعات بالإضافة إلى العديد من الأشكال النضالية لأهالي المدينة التي صارت تتوالى بشكل أصبح فيه الحل الأمني المباشر هو الحل الأخير و الأوحد من أجل الحفاظ على "الاستقرار" بالمدينة، و نذكر هنا نضالات عمال الحي الصناعي، النضالات التلاميذية، الخطوات النضالية التي قام بها سكان حي الكوشة و التي تجلت في فرض عدم أداء فواتير الماء و الكهرباء التي أصبحت جد باهضة، أيضا الأشكال النضالية لحركة 20 فبراير التي اصبحت ترفع شعارات أكثر جرأة.
هذه الاستعدادات الأمنية ظهرت بشكل جلي يوم 21/12/2011 يوم النطق بالحكم النهائي في حق الطالب المعتقل، من خلال التطويق الامني الذي قامت به أجهزة الأمن للمحكمة.
إذن فالوضع بالمدينة كان تراكم مستمر و بشكل منطقي تراكم لانفجار في أشكال متطورة على غرار ما وقع يوم الأربعاء، حسب شهود عيان، في محاولة من أجهزة الأمن لفض اعتصام مجموعة من المعطلين من أمام عمالة إقليم تازة ليتحول الأمر إلى مناوشات تطورت فيما بعد إلى مواجهات دامية موسعة بين المعطلين و رجال الأمن و ما كان التحاق أهالي الكوشة و الاحياء المجاورة بالإضافة إلى طلبة الكلية بمثابة البنزين الذي أضيف إلى نار المواجهة لتتحول إلى انتفاضة عارمة أصبح من الصعب لملمتها و احتواؤها لا أمنيا من طرف الاجهزة الامنية و لا سياسيا و اعلاميا من طرف القنوات الرسمية و بعض المنابر الحزبية و النقابية.
لنجد في الحصيلة المرحلية: العشرات من الجرحى و المعطوبين و المعتقلين. و كخلاصة لما وقع في مدينة تازة، و الذي يدخل في نطاق آخر من التراكمات التي يمكن أن يتبلور عنها أشكال أخرى أكثر دموية و أكثر تطور، نستنتج أن الحل الامني هو حل فاشل مبدئيا و عمليا و لم و لن يعطي أكله و مبتغاه في غياب مبادرات لحل الازمة بشكل جدري من منظور اجتماعي و اقتصادي بحت في شكل أوراش لإدماج الشباب و تحسين وضعيتهم و ربطهم بالمستقبل.