الضوء الأخضر الذي تلقاه بن كيران من القصر، بعد لقاء بن كيران للملك والذي لم يرشح منه شيء، كان حلقة نهائية في هذا التحضير للإعلان عن الحكومة واستكمال هيكلة التشكيلة الوزارية الجديدة.
والظاهر أن بن كيران قد خبر، كسابقيه، أن المغرب تحكمه أعراف في علاقات الملك بالحكومة ورئيسها أو وزيرها الأول من قبل، فحتى لو أن الدستور القديم والجديد معا يشير إلى أن الملك يعين الوزراء باقتراح من رئيس الحكومة فإن الموافقة القبلية والنهائية للملك تبقى أمرا ضروريا قبل تشكيل أي حكومة.
وقبل الإعلان عن لائحة الوزراء الأسبوع المقبل شرع زعيم العدالة والتنمية في رص صفوف الأغلبية الحكومية، من خلال التوقيع على ميثاق أخلاقي وسياسي للأغلبية الحكومية، في ما يشبه التزامات جماعية بالعمل الجماعي والتضامني.
ومن المفارقات التي رصدها الجميع أن أحزابا دأبت على التوقيع على المواثيق ولا تجد أدنى حرج في التخلي عنها بعد أيام وأسابيع معدودة، والأمر قد ينطبق هنا على حزب الحركة الشعبية التي أعلنت قبل أسابيع فقط انتماءه لتحالف الثمانية قبل أن يعلن تنكره له ويوقع ميثاقا آخر مع العدالة والتنمية التي شكل الخصم المعلن للتحالف من أجل الديمقراطية.
بالنسبة للمعارضة يبدو أنها لن تنتظر انقضاء المائة يوم الأولى من عمر الحكومة الجديدة للبدء في عملها، فمؤسسة عبد الرحيم بوعبيد القربية من حزب الاتحاد الاشتراكي والتي يرأسها عضو مكتبه السياسي بادرت إلى الضغط على الحكومة وتوجيه مذكرة بالتدابير العاجلة التي يجب أن تشرع في تطبيقها.
وإذا كانت مبادرة مؤسسة بوعبيد فعلا طبيعيا في كل ديمقراطيات العالم، أن توجه مؤسسات التفكير خطاطات عمل للحكومة، فلا يمكن أن نفهم مذكرة أصدقاء علي بوعبيد بعيدا عن منطق المعارضة التي خرج إليها حزب الاتحاد الاشتراكي.
من جانبها حركة 20 فبراير لن تنتظر 100 يوم للخروج إلى الشارع، فعملها مستمر وهي تعتبر أن بن كيران وحكومته ما هي إلا "تخريجة مخزنية" لتأجيل الإصلاحات الحقيقية.
فهل ستصمد قفشات بن كيران أمام معارضات معلنة ممثلة في 20 فبراير والأحزاب السياسية المعارضة وأخرى غير معلنة ممثلة في مراكز مناهضة الإصلاح ولوبيات الفساد؟
لن ننتظر كثيرا لمعرفة الخطوط العامة للجواب.