يعتبر ويليام هنري كويليام، أول لورد بريطاني يعتنق الديانة الإسلامية في القرن 19. أطلق على نفسه اسم "عبد الله كويليام" بعد اعتناقه الإسلام في سن الحادية والثلاثين، وهو من مواليد سنة 1856، لعائلة كاثوليكية ثرية، كان والده يشتغل في صناعة الساعات، ودرس في معهد الملك ويليام العالي في جزيرة مان وتخرج بعدها محاميا سنة 1878.
تحدث كويليام عن أسباب اعتناقه الدين الاسلامي في محاضرة ألقاها في 9 غشت 1928 في مركز جمعية الشباب المسلمين بمصر، و قال "مند 60 سنة، نصحني طبيبي بالراحة من أجل صحتي البدنية وقضاء بعض الوقت في جبل طارق، و بعد وصولي إلى جبل طارق، استقليت سفينة إلى طنجة لرؤية أراضي المغرب" و تابع "عند وصولي، لمحت بعض المصلين المغاربة يستعينون بمياه البحر لغسل أنفسهم بعناية ودقة (...) وبعدها وقفوا معًا في طابور وبدأوا في أداء الصلاة، في خضوع كامل وهدوء - ولم تزعجهم أبدًا قوة الرياح القوية، أو تمايل السفينة".
وعبر ويليام عن تأثره بالمشهد، قائلا "لقد تأثرت كثيرا بالنظر إلى تعابير وجوههم، والتي تملاها الثقة الكاملة والصدق، اندهشت حينها بالمشهد، وهو ما جعلني أهتم كثيرا بالتعرف على دينهم".
وبعد ذلك قابل رجلا مغربيا مسلما في مدينة طنجة "يتحدث اللغة الإنجليزية وأصبحنا أصدقاء، خاصةً "عندما رأى أنني أردت تعلم مبادئ الإسلام والعلاقات التي تجمع المسلمين"، حسب قول كويليام.
وبحسبه فإنه من بين ما أتر به القرآن الكريم أمرين مهمين، الأول "الخشوع والوقار التي تشاهده دائمًا على المسلمين عندما يتكلمون عن المولى ويشيرون إليه. والثاني خلوّه من القصص والخرافات وذكر العيوب والسيئات".
وأسلم كويليام في مدينة طنجة، لم يعلن عن ذلك رسميا إلا بعد سنة من عودته إلى بريطانيا، وكان آنذاك يبلغ من العمر 32 سنة، ونشر ذلك عبر وسائل الإعلام في ليفربول، وأطلق على نفسه اسم عبدالله، وقال إنني وجدت الديانة الإسلامية "منطقية، كما أنني شعرت أنها لا تتعارض مع مبادئي".
وبدأ بعد ذلك يدعو إلى اعتناق الدين الإٍسلامي، وقام بإنشاء أول مسجد في مجمع بروجام تيريس في مدينة ليفربول أطلقت عليه عدة أسماء من بينها "بروجام تيريس" و "مسجد كويليام" و "مسجد ليفربول الصغير"، وأقيمت فيه الصلاة أول مرة سنة 1886، ويعتبر هذا المسجد الأول في بريطانيا.
وبعد إعلانه دخول الإسلام تعرض لضغوط كثيرة، من أجل العدول عن قراره، ووصل الأمر إلى حد طرده من منزله.
ويعود الفضل لكويليام في اعتناق حوالي 600 شخص من أصل إنجليزي الدين الاسلامي، كما أنه ألف كتاب "الإيمان في الإسلام"، وهو الكتاب الذي صدرت منه ثلاث طبعات وترجم إلى ثلاثة عشر لغة، وساعد الكثير من الإنجليز في فهم الإسلام، من بينهم فيكتوريا ملكة المملكة المتحدة (1837-1901) التي طلبت نسخة لنفسها وستة نسخ أخرى لأبنائها.
وفي سنة 1894 عينته الدولة العثمانية بموافقة الملكة فيكتوريا، "شيخ للإسلام"، في بريطانيا، وفي يوليوز 1893 أهداه سلطان أفغانستان مبلغ 2500 جنيهًا استرلينيًا كدعمٍ لمواصلة أعماله الخيرية،
كما قام بإصدار صحيفة ومجلة شهرية باسم الهلال اهتم فيهما بالقضايا الإسلامية، وأسس دارا لرعاية الأيتام، وكذلك كلية إسلامية تعقد فيها جلسات نقاش أسبوعية حول الدين الإسلامي، وكان يهدف إلى إقناع البريطانيين باعتناق الدين الإسلامي.
وأشارت العديد من المصادر إلى أن سياسات بريطانيا الاستعمارية ضد الدول الإسلامية واحتلال الكثير منها، دفعت كويليام لإعلان معارضته للحكومة البريطانية، وهو الأمر الذي تسبب في تعرضه لمجموعة من الاعتداءات والتهديدات.
وقبل سنوات أطلق مجموعة من المسلمين في ليفربول دعوة لإعادة إحياء مسجد عبد الله كويليام، الذي تجول إلى بناية مهجورة، وافتتح للصلاة في سنة 2008.