شكل تعيين فؤاد عالي الهمة مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة المغربي حدثا مفاجئا لجل المتتبعين لتطورات الشأن السياسي المغربي، ففي الوقت الذي انتظر فيه الجميع الإعلان عن تشكيل الائتلاف الحكومي بقيادة عبد الإله بن كيران، جاء تعيين الملك للهمة مستشارا ملكيا ليطلق من جديد أسئلة حول جدية الإصلاحات التي أعلنتها الدولة وجدوى الانتخابات الأخيرة التي فاز بها العدالة والتنمية الإسلامي.
لقد اختلفت التأويلات لحدث التعيين : بين من رأى في تعيين الهمة حلقة في مسلسل الإصلاح الذي أعلنه الملك، وجسدته التعديلات الدستورية الأخيرة والشفافية التي اتسمت بها الانتخابات الأخيرة، حيث أن الملك عمل على إخراج الهمة من الحقل الحزبي، الذي شكل داخله عنصر توتر، وإبعاده بتعيينه مستشارا.
ولعل أول المدافعين عن هذه القراءة هم إسلاميو العدالة والتنمية، مع تصريحات الداودي ويتيم باعتبار التعيين مجالا ملكيا خاصا، وأن تعيين الهمة هو بمثابة إبعاد له وإنهاء عملي للحزب الذي شكله.
ويفهم الجميع أن هذه القراءة المعلنة هي من قبيل اجتناب كل ما شأنه أن يغضب القصر، لأن بن كيران وغيره من قيادة الحزب قد استوعبوا رسالة التعيين جيدا ، واختاروا التعليق عليها بكثير من اللباقة.
والتعيين كما فهمه الكثيرون، وجل المراقبين والفاعلين السياسيين في المغرب، هو أنه رد اعتبار للرجل الذي لم يحالفه الحظ في تطويع المجال الحزبي، وفشل في مشروع بناء الحزب العتيد الذي يأتي على الأخضر واليابس في الحقل الانتخابي، ويمنع وصول الإسلاميين إلى الحكومة.
في هذا السياق يلتقي رد الاعتبار بالوظيفة التي أوكلت للهمة، والوظيفة هذه المرة سيمارسها الهمة من موقعه الطبيعي باعتباره رجل دولة، وليس من موقع الفاعل المجتمعي الحزبي.
وظيفة الهمة "الجديدة" هي إذن ترأس حكومة الظل، كما ذهب إلى ذلك الكثيرون، وهي حكومة مشكلة من مستشاري الملك، تعمل على تسطير التوجهات الكبرى للدولة والتحكم في عمل الحكومة ووزرائها. ويذهب أصحاب هذا الرأي إلى أن الملك قد اختار قبل الهمة عناصر أخرى ستشكل هذه الحكومة مثل عزيمان والزناكي والمنوني باللإضافة إلى المعتصم وباقي الأسماء القديمة التي ظلت تجاور الملك.
على بن كيران إذن أن يخلق نوعا من التعايش مع هذه الحكومة، وقبل ذلك أن يلبي المطالب المتضخمة لكل من الاستقلال والحركة الشعبية من أجل تشكيل الائتلاف الحكومي وأن يواجه مطالب الشارع وحركة 20 فبراير، ومعارضة مشكلة من بقايا الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي.