نشرت منظمة أوكسفام المغرب اليوم الإثنين 29 أبريل الجاري، تقريرا توصل موقع يابلادي بنسخة منه تحت عنوان "من أجل مغرب منصف، ضريبة عادلة"، تقيم فيه الوضعية ومظاهر اللامساواة في المغرب، ودعت من خلاله إلى جعل النظام الضريبي أداة للحد من الفوارق الاقتصادية والاجتماعية.
ويسلط التقرير الضوء عن "اختلالات الخدمات الاجتماعية، إضافة للبطالة وعدم الإستقرار المهني، بالإضافة إلى "التمييز ضد النساء، والنظام الجبائي غير العادل وهو ما يعطل التنمية الإجتماعية بالمغرب، ويعمق الفجوة بين الأغنياء والفقراء".
وأشارت الوثيقة إلى أن المغرب من أكثر الدول التي تتسع فيها الفوارق الاجتماعية ومن بين الدول المغيبة للعدالة الاجتماعية على المستوى الدولي، موضحا أنه في الوقت الذي يعاني فيه أزيد من 1.6 مليون شخص من الفقر والتهميش وانعدام الضرورات الأساسية، بلغ مجموع ثروة أغنى ثلاث مليارديرات بالمغرب سنة 2018 حوالي 4،5 مليار دولار، بينما يتواجد 4،2 مليون شخص في وضعية هشة أي على عتبة الفقر.
وكشف التقرير نفسه أن أجيرا بالحد الأدنى من الأجور يلزمه 154 سنة حتى يصل إلى ما يتقاضاه ملياردير مغربي في 12 شهرا، داعيا في هذا السياق إلى إعادة النظر في الخيارات السياسية والاقتصادية، لتتماشى مع النموذج التنموي المغربي الذي أطلقه الملك في أكتوبر 2018.
ودعت المنظمة من خلال تقريرها المواطنين والمواطنات إلى ضرورة أن تكون محاربة الفوارق الاجتماعية من الأولويات السياسية في المغرب.
وقال عبد الجليل لعروسي، مسؤول الترافع والحملات في أوكسفام المغرب إن" الفوارق الإقتصادية والاجتماعية في المملكة هي نتيجة لسياسات عمومية غير ملائمة وتستجيب لتوصيات المؤسسات المالية الدولية" مشيرا إلى أن هذا الوضع "يفرض على المسؤولين الحكوميين والمتدخلين الاقتصاديين والاجتماعيين أن يعطوا للأمر أولوية كبرى، كما أن للمواطنين والمواطنات الدور الرئيسي في تغيير الوضع عن طريق متابعة ومساءلة صناع القرار."
وبحسب المصدر نفسه فإن 82 في المائة من العائدات الضريبية على الشركات تستخلص فقط من 2 في المائة من الشركات، وأضاف أن 2.45 مليار دولار هي تكلفة الخسائر الضريبية التي يتكبدها المغرب كل سنة بسبب التهرب الضريبي للشركات متعددة الجنسيات.
وفيما يخص معدل البطالة، أكد التقرير أنه على المستوى الحضري وصل إلى 42.8 في المائة، في صفوف الشباب (ما بين 15 و24 سنة).
وبالنسبة لما يتعلق بالمجال الصحي، أوضح التقرير أن المغرب يتوفر على 6،2 طبيب لكل 10 آلاف شخص مقابل 12 طبيب في الجزائر وتونس و 37،1 في إسبانيا. بينما 51 في المائة من المصاريف الطبية يتم تغطيتها من طرف الأسر مقابل 21 في المائة في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
من جهة أخرى أكدت المنظمة أن حوالي نصف (46 في المائة) السكان النشيطين لا يتمتعون بالتغطية الصحية بينما معاشات النساء تقل بنسبة 70 في المائة عن معاشات الرجال، وفي المناطق القروية فقط 64 في المائة من الساكنة تستفيد بشبكة الربط بالمياه الصالحة للشرب.
كما يوضح التقرير أن" ابن أحد الأطر العليا مثلا له فرصة الانتماء لنفس الفئة السوسيو مهنية التي ينتمي إليها والده ب 456 مرة أكثر مقارنةً بابن عامل، من الجلي أن النموذج التنموي الحالي لا يرقى إلى تطلعات السكان وعلى وجه الخصوص الشباب والنساء. لأنه يمركز الثروة لدى أقلية بينما يعيش الملايين في وضع مختل وغير عادل".
ولمواجهة أزمة الفوارق واللامساواة، دعت منظمة أوكسفام المغرب المؤسسات الحكومية وكذا ذات الصلة لاتخاذ تدابير ملموسة وطموحة، منها بلورة وتطوير برنامج عمل وطني لمواجهة الفوارق الاجتماعية و كذا تبني نظام ضريبي عادل يساهم في تقليص الفوارق الاجتماعية
وفي هذا السياق قالت أسماء بوسلامتي، مسؤولة برنامج الحكامة في أوكسفام في المغرب إن "العدالة الضريبية هي وسيلة فعالة للحفاظ على التماسك الاجتماعي، إذ تساعد على تقويم أوجه اللامساواة من خلال تدارك اختلالات توزيع الثروة، وتعبئة الموارد اللازمة لتمويل البنية التحتية والخدمات العمومية والتي تعود بالنفع على المجتمع بأكمله" مشيرة إلى أن المادة 39 من الدستور تضمن المساواة بين المواطنين أمام الضرائب، والتي يجب استخلاصها وفقًا لقدرة كل شخص. والمناظرة الوطنية الثالثة حول النظام الجبائي المغربي تمثل فرصة للتوعية واتخاذ إجراءات ملموسة للحد من الفوارق في جميع تجلياتها".