وتراجع عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية مقارنة بالانتخابات التشريعية لسنة 2007 ليصبح 13,7مليون مسجل في سنة 2011، وهو الرقم الذي انخفض بحوالي مليونين بالمقارنة مع الانتخابات التشريعية لسنة 2007، مما تسبب في حرمان ما يناهز 12 مليون مغربي في سن التصويت من ممارسة حقهم الدستوري، وأثيرت الكثير من التكهنات حول معدلات المشاركة، والتي تعتبر كمؤشر على الدعم الشعبي لمسلسل الإصلاح الديمقراطي بالنسبة للبعض، وبالنسبة للبعض الآخر علامة على المقاطعة وعدم الاهتمام بالحملات الانتخابية على وجه الخصوص والنظام السياسي بشكل عام.
وأعلن وزير الداخلية عن أن نسبة المشاركة بلغت45,4 في المائة، وإذا أمكن أن نثني على الجهود التي بذلتها الوزارة لضمان انتخابات شفافة رغم ماضيها الأسود في هذا المجال، فنسبة التصويت المعلن عنها كانت هزيلة جدا ومبالغ فيها، فحسب الكثير من المقاطعين والمصوتين فوزارة الداخلية ضخمت كثيرا نسب المشاركة، خصوصا وأن نسبة المشاركة في استفتاء يوليوز الماضي على الدستور ضخمت بشكل لا سابق له في تاريخ المغرب.
وأظهرت النتائج الفوز الواضح لحزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية والمعارض الشرس للحكومة المنتهية ولايتها، ووضع غالبية الناخبين من بين 5,8 مليون من المغاربة ثقتهم في الحزب الإسلامي، وحتى نعطي لقيصر ما لقيصر ولله ما لله، فأعضاء الحزب كانوا الأكثر حضورا والأكثر نشاطا في جلسات البرلمان،على الرغم من نزق المواقف الإعلامية لأمينه العام، عبد الإله بنكيران، فمرة يوجه انتقادات لاذعة لخصومه ومرة يرتكب زلات كبيرة، ورغم ذلك استطاع الحزب حصد هذا الكم الكبير من الأصوات وبفارق كبير عن باقي المنافسين كما تشير إلى ذلك النتائج.
وجاءت ردود الفعل مختلفة حول فوز حزب العدالة والتنمية، فالبعض رحب بهذا الفوز ورأى فيه فرصة جديدة لتغيير المشهد السياسي المغربي، فاليسار ندب حظه العاثر لأنه لم يحقق الكثير في هذه الانتخابات، أما 8 G(مجموعة الثمانية) فقد اجتمع قادته وأتباعه لتهنئة الحزب الإسلامي الفائز على مضض، في حين عبر الكثيرون على الفايسبوك والتويتر بنشر نكت حول الحزب الفائز، و ركزت ردود الفعل هذه على الحرية الفردية وعلى الدين وإمارة المؤمنين، وفضل الشباب المغاربة الفكاهة من أجل التعبير عن ردود أفعالهم تجاه فوز حزب العدالة والتنمية.
والآن بعد أن انتهت الانتخابات تقاطرت الكثير من الأسئلة حول من سيقود الحكومة المقبلة، هل العثماني أم بنكيران؟ ومع من سيتحالف حزب العدالة والتنمية من أجل تشكيل الحكومة المقبلة؟ وهل ستتمكن هذه الحكومة من إقناع الملك ومستشاريه المحنكين ببرامجها؟ وماذا بمقدور البيجيديين من العمل؟ وهل سيتمكنون فعلا من القضاء على المحسوبية والفساد، وتحسين الخدمات الصحية والرقي بالتعليم العمومي وخفض معدلات البطالة؟ وما مدى ملاءمة سياق الاقتصاد العالمي لطموحات الحزب في التنمية؟
ولكن السؤال الجوهري هو من يملك السلطة الحقيقية، هل الملك أم رئيس الحكومة؟
حركة 20 فبراير أحدثت التغيير، وهذا التغيير كان فجائيا، وقاطعت الحركة الانتخابات لأنها تطالب بملكية برلمانية، ولا تقبل ألاعيب السلطة، وساهمت الحركة بشكل كبير في التأثير على العملية الانتخابية، فقد كانت بمثابة المحرك الرئيسي للتغيير في المغرب، رغم أنها ترى أن الحراك الذي تقوده لم يعط أكله بعد، لذلك ستستمر في نضالها والأيام المقبلة ستكشف لنا عن الكثير من الأحداث.