مازالت مصالح الدعاية لانتخابات 25 نونبر الجاري التشريعية تردد دعواتها للمهاجرين المغاربة بالخارج من أجل المشاركة في اقتراع الأسبوع المقبل. واختارت الدولة شعار"صوتوا بالوكالة" لمخاطبة المغاربة المهاجرين خارج أرض الوطن، في إشارة إلى الآلية التي تقترحها الدولة في قانونها الانتخابي لمشاركة الجالية في انتخابات مجلس النواب.
والظاهر أن آلية التصويت بالوكالة لم تجد لها الصدى الكافي لدى شرائح واسعة من المهاجرين المغاربة، الذين تشكلت لدى جلهم قناعة أن المغرب الرسمي، من وزارة الداخلية والأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات، قد عمل على إقصائهم من المشاركة، واكتفى في المقابل على طرح صيغة الوكالة في التصويت حتى يقال أن الدستور الجديد ضمن لمغاربة الخارج حق المشاركة.
يقول المهاجرون المغاربة إن الدولة المغربية والطبقة السياسية رفضت مشاركة مغاربة الخارج في الانتخابات، وأنه حتى ولو جاءت الإشارات الإيجابية العريضة في الدستور الجديد، فإن "القائمين على الأمور" ذهبوا إلى تفاصيل وصيغ تصويت مغاربة الخارج لكي يقرروا حرمان الجالية من حقهم الطبيعي في الإسهام في محطة 25 نونبر الجاري.
والمفارقة كما ينظر إليها المهاجرون المغاربة في أوربا أو في الولايات المتحدة الأمريكية، الذين يتابعون كل يوم ما يجري في بلدهم باهتمام بالغ، هي أن الدولة ضمنت مشاركتهم في الاستفتاء الأخير على الدستور، حيث كان التصويت مباشرا، فلماذا قررت الدولة وضع صيغة الوكالة للمشاركة في المحطة الانتخابية المقبلة؟
يقول مضمون المادة 72 من القانون التنظيمي لمجلس النواب أنه يتعين على المهاجرين المغاربة التوجه إلى مقار السفارات أو القنصليات التابعين لها، لملء مطبوع خاص ويدلي فيه بالمعطيات المطلوبة، ثم يقوم بالتصديق على إمضائه، بعد أن يدلي بتفاصيل عن الشخص القاطن في المغرب الممنوحة له الوكالة من أجل التصويت. ويقوم المهاجر بنفسه بتوجيه الوكالة إلى الشخص الذي تم توكيله من أجل التصويت.
وبدل التوجه إلى القنصلية أو السفارة للتصويت مباشرة، بعد الإدلاء بالوثائق المطلوبة، ينظر المهاجرون، الذين منهم من يقطع مسافات كبيرة من أجل بلوغ مقر القنصلية، إلى الوكالة على أنها عملية مكررة، تروم إلى تعجيزهم على المشاركة.
كثير من مغاربة الخارج من طرح سؤال لماذا تم تأجيل مشاركتهم في الانتخابات؟ ومن هي الجهات التي تقف وراء حرمانهم العملي من المشاركة؟ بعضهم قال إن الطبقة السياسية: الدولة والأحزاب ، ليس لديها المصلحة بعد في أن يشارك مغاربة الخارج في استحقاقات المغرب التشريعية، وتفضل أن يبقى المهاجرون مصدرا للعملات الصعبة دون حاجة للتدخل في الحياة السياسية للمغرب. البعض الآخر ربط بين النتائج الطيبة التي حققها حزب النهضة الإسلامي في انتخابات المجلس التأسيسي في تونس وبين تخوفات مهندسي انتخابات المغرب من تكرار السيناريو. وهو رأي تؤكده ممارسات الدولة خلال العقود الماضية التي ظلت ترى في المهاجرين كتلة بشرية يجب ضبطها وهيكلتها ومراقبتها دون منحها أية هوامش ديمقراطية للتعبير أو المشاركة.