على بعد ساعات فقط من انتهاء فترة وضع الترشيحات للانتخابات التشريعية المقبلة، تتوالى التنبؤات والتكهنات بالمشهد السياسي والحكومي لما بعد 25 نونبر الجاري. وفي الوقت الذي تسعى فيه الدولة إلى استكمال حلقات المشهد الموالي في وضع مؤسسة الدستور الجديد، تواصل الأحزاب السياسية عقد تحالفاتها وتفاهماتها حول هذه الدائرة وتلك، فيما يشبه تقسيما مسبقا للحلوى الانتخابية.
آخر نبوءات المراقبين للشأن السياسي والحزبي قالت باستعدادات عليا جارية على قدم وساق من أجل تشكيل حكومة انتقالية، أو حكومة ائتلاف وطني سوف تدبر مرحلة ما بعد انتخابات 25 نونبر المقبل، يكون وزراؤها من جميع الأحزاب وتعين رئيس مجلس النواب عن طريق الإجماع وتعمل على إخراج النصوص القانونية وتنزيل الدستور الجديد. بل إن النبوءات ذهبت استنادا إلى مصادر عليمة إلى التفصيل في عدد الحقائب الوزارية التي قالت إن عددها سيكون 20 حقيبة ومابين 6 و8 كتابات دولة وأنها ستضم الإسلاميين وأنها سوف تلغي وظيفة المعارضة.
والحال أن السيناريو إن صدق القائلين به سوف يكون من استثناءات المغرب السياسية التي ظل يراكمها لعقود، وتميز بها عن ديمقراطيات دول المعمور. وعادة ما تحدث مثل هذه السيناريوهات مقترنة بخطابات مكثفة حول "الظروف الاستثنائية" التي تجتازها البلاد، و دواعي "المصلحة الوطنية" العليا للبلاد، وضرورة "الإجماع" إلى غيرها من مفاهيم الأدلوجة السياسية الرسمية في المغرب.
سيناريو مماثل، يركز على إجماع الجميع وتعطيل المعارضة، وتفعيل التوافق الأبدي بين الخصوم، لا شك أنه نفي للسياسة، وتأجيل لتأهيل المجال السياسي، تصبح معه الانتخابات غير ذات معنى ولا جدوى. إذ ما الجدوى من تنظيم الانتخابات وفتح باب الترشيحات واستعراض البرامج وتمويل الحملات الانتخابية إن كان نتيجة ذلك إجماع لا يسمح للفائز بتطبيق "برنامجه" ليحاسب عليه.
ويمضي سيناريو الإجماع هذا في نفس المنطق الذي تأسس عليه التوافق الذي تحكم في المجال السياسي منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي إلى اليوم، حيث أجل الصراع السياسي وقضى عليه، وتحول من آلية مؤقتة لتدبير الصراع السياسي بين الفرقاء إلى استراتيجية للتحكم السياسي وإعادة إنتاج التقليد داخل البنيات السياسية.
سيناريو حكومة الائتلاف الوطني بعد انتخابات 25 نونبر يبقى إلى حدود اليوم سيناريو افتراضي لم يتحقق بعد.. تماما كباقي السيناريوهات الأخرى التي قالت بها استطلاعات الرأي الأمريكية حول فوز هذا الحزب أو ذاك..