حظيت مدينة طنجة، أكثر من غيرها من المدن المغربية، بالنصيب الأوفر من حيث عدد الكتاب والفنانين العالميين الذين زاروها، أو أقاموا بها، أو ألهمتهم فضاءاتها وتاريخها وأساطيرها، في كتابة رواياتهم أو كتبهم، أوحتى في رسم لوحاتهم.
ويرجع اهتمام و انجذاب هؤلاء المثقفين والكتاب بالمدينة المغربية، بالدرجة الأولى إلى موقعها الجغرافي، المطل على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، و كذا قربها من أوروبا، إضافة إلى الشهرة التي اكتسبتها إلى الصعيد العالمي، وذلك بعد توقيع معاهدة الحماية بين فرنسا والمغرب سنة 1912، وخصوصا بعد المصادقة على جعلها منطقة دولية سنة 1928.
ومن بين المشاهير الذين استهوتهم مدينة طنجة، الكاتب الأمريكي الشهير فريدريك بول بولز، الذي قضى معظم حياته في المغرب، والبريطاني براين جيسن، الذي غادر طنجة مكرها، بسبب مرضه المزمن، نفس الأمر بالنسبة للكاتب الفرنسي جان جينيه، الذي ارتبط بدوره بمدينة طنجة، إضافة إلى الكاتب ويليام بوروز.
إضافة إلى ذلك، شكلت مدينة طنجة ملاذا أيضا للمثليين خلال سنوات الخمسينات والستينات، فبحسب موقع قناة "البي بي سي" فإن مدينة طنجة كانت في الخمسينيات من القرن الماضي من بين أكثر المدن المغربية استقطابا للسياح المثليين، حيث كان الأمريكيون أنداك يتوجهون إلى المغرب فارين من القمع وحظر المثلية الجنسية.
وقال الباحث الانجليزي اندرو هاسي بحسب المصدر نفسه، إن طنجة كانت "مكانا مثاليا للملذات الخطيرة والمجهولة".
موقع القناة البريطانية، أكد أن ما كان موجودا في مدينة طنجة، التي لم تكن تخضع للحماية الفرنسية والإسبانية عكس باقي المناطق المغربية، لم يكن موجودا في باقي مدن المملكة. حيث كانت أكثر مرونة، وكان يمكن لزوارها، إشباع رغباتهم بشكل سري، ودون الخوف من المضايقات.
وبحسب البي بي سي فإن الفارق المادي بين الأجانب والمغاربة ساهم في خلق سوق مزدهر للدعارة، لكن العلاقة لم تكن تستند فقط إلى المال، حيث كان الكاتب الأمريكي بول بولز، يرتبط بعلاقة صداقة لفترة طويلة مع الفنان أحمد يعقوبي وزوجته جين، وعاش في شقة في الطابق الأعلى مع امرأة ريفية تدعى شريف.
وبعد استقلال المغرب سنة 1956، كانت مدينة طنجة تعرف بكونها المدينة المغربية الأكثر تحررا في البلاد، إلى حدود الستينات حيث وقعت ما أطلق عليه آنذاك "الفضيحة العظمى"، بعدما قامت السلطات المغربية بحسب ما ذكر موقع "سلات" باعتقال عدد من الأجانب، بسبب تهم تتعلق بالجنس والمخدرات، وتم بعد ذلك إغلاق العديد من بيوت الدعارة في المدينة.
بعد ذلك انتقل العديد من المثليين حسب نفس المصدر إلى مدينة مراكش، لكن المدينة الحمراء رغم ذلك لم تعوض مدينة طنجة التي كانت تشكل "ملاذا" للمثليين.
وعلاقة بذات الموضوع قال موقع قناة "البي بي سي" إن الكاتب الانجليزي ديفيد هربرت عبر في سيرته الذاتية سنة 1972 تحت عنوان "الابن الثاني"، والذي أقام في مدينة طنجة لفترة طويلة، عن أسفه إزاء "سمعة طنجة كمكان للواط"، وقال إن "هناك جانبا واحدا من حياة طنجة يجده الكثيرون منا ممن يعيشون هنا كريها ومحرجا في بعض الأحيان".
وأضاف أن "سمعتها القديمة كمدينة للخطيئة" جذبت الأوروبيين الذين كانوا يظنون - على ما يبدو - أن "كل المغاربة الذين يرونهم قابلون للبيع. ويرى أن هذه الإساءة هي بسبب عدم قدرة الأوروبيين على التمييز".
توافد المثليين عل المدينة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، جعل الكاتب الأمريكي جون هوبكنز، الذي عاش بدوره لسنوات عديدة في مدينة طنجة ، يقول "كنت الكاتب الوحيد السوي في طنجة في ذلك الوقت، وبالنسبة للنساء، كان الميدان مفتوحا لي".