بعد تفجير مقهى أركانة بمراكش في سنة 2011، عاد الارهاب ليضرب المغرب مرة أخرى، مستهدفا هذه المرة سائحتين إحداهما تحمل الجنسية الدانماركية، فيما تحمل الأخرى الجنسية النرويجية، وذلك في منطقة إمليل الواقعة ضواحي مدينة مراكش. وترك هذا الحادث الذي صدم المغاربة، خارج وداخل أرض الوطن، موجة من الغضب والاستياء، ما جعلهم يطالبون بتجفيف منابع الإرهاب والتطرف في المملكة.
من البداية
قبل شهر تقريبا، بدأت السائحتان لويزا فيستهاج من الدنمارك (24 سنة) و مارن ولند من النرويج (28 سنة)، بالتخطيط لزيارة المغرب، من أجل تسلق جبل توبقال، الذي يعتبر أعلى جبل في شمال إفريقيا، في عطلة عيد الميلاد.
ونشرت لويزا في 21 نونبر الماضي، تدوينة عبر حسابها على الفيسبوك قالت فيها "أيها الأصدقاء الأعزاء، سأذهب إلى المغرب في دجنبر.. هل ذهب أحد منكم إلى هذه المنطقة؟ وهل هناك صديقً يعرف جبل توبقال"، وكان من المقرر أن تستمر رحلتهما في المملكة شهرا كاملا.
وقبل ذلك كانت قد نشرت شريط فيديو على حسابها على الفيسبوك، دعت فيه متابعيها إلى مساعدتها في تحقيق حلمها، عن طريق التصويت على رقمها في مسابقة لتسلق الجبال لسنة 2018.
وكانت الضحيتان تتابعان دراستهما في جامعة "سوروج نورج" في جنوب النرويج، بشعبة التعدد الثقافي والأسفار، وعندما علمت الجامعة بخبر مقتلهما في المغرب يوم الإثنين، أعلن أساتذة وطلبة الجامعة يوم أمس الحداد.
وفي تصريح نقلته وسائل إعلام نرويجية، قالت بريتيش تيليكوم جيسيرسن، والدة لويزا، إن ابنتها "كانت دائما سعيدة وإيجابية". كما أكدت أن العائلة بأكملها كانت ضد سفرها إلى المغرب، بسبب الوضع الذي اعتبره "فوضويا" في البلاد.
فيما قالت والدة الضحية النرويجية، ايرين يولاند لنفس المصدر "إن الفتاتين اتخذتا جميع الإجراءات الاحترازية قبل الشروع في هذه الرحلة".
من مراكش إلى توبقال
من جانبه أفاد موقع "ديلي ميل" البريطاني، بأن لويزا ومارن حلتا بمراكش يوم 9 دجنبر الجاري، وقبل أن تتوجهان إلى جبل توبقال وتبدآن مغامرتهما، نزلتا يوم 10 دجنبر في فندق "فوزي" بالمدينة القديمة بمراكش، و قضيتا ليلة واحدة هناك رفقة ثلاث صديقات أخريات من جنسيات أجنبية.
وقال أحد موظفي الفندق في تصريح للمصدر ذاته، "قدمت إلى هنا خمس فتيات، و قمن بتسجيل وصولهم يوم 10 دجنبر، وقضين ليلة واحدة، وفي صباح اليوم التالي، ذهب ثلاثة منهن من أجل ركوب الأمواج، فيما ذهبت لويزا ومارن للتجول في المدينة في الظهر وتركتا حقيبتها، بعدها عادتا حوالي الساعة الخامسة، لاستعادة أمتعتهما" و أضاف لقد " كانتا تبدوان سعيدتان قبل مغادرتهما الفندق، برفقة 3 شبان مغاربة".
وقبل أيام من التوجه إلى الجبل التقت الضحيتين بمرشد سياحي، يدعى رشيد إمرهاض، وقام بمرافقتهما إلى الطريق المؤدي إلى الجبل لكن بعد ذلك تركهما بمفردهما تنفيذا لطلبهما، وقال في تصريح للموقع النرويجي "ن ر ك"، إنه نصحهما بعدم البقاء لوحدهما في الخيمة "، و أضاف أنه خلال لقائه بهما "كانتا الفتتان ودودتان واجتمعيتان، و كانتا تتحدثان مع الجميع هنا".
ويوم الإثنين 17 دجنبر تم اكتشاف جثتي السائحتين في منطقة جبلية معزولة على بعد 10 كيلومترات من قرية إمليل السياحية في منطقة الأطلس الكبير بالقرب من منطقة شمهروش.
وأشار نفس المصدر إلى أنه صادف سائحين نرويجيين (أب 53 سنة، و ابنه 18 سنة) كان يخططان بدورهما لتسلق جبل توبقال رغم سماعهما بالخبر و قالا "لقد سمعنا بالخبر يوم الإثنين عندما كنا بمراكش، وصعقنا لذلك" و أكدا "لا نشعر بالخوف ونعتقد أن هذا لا يحدث عادة، كما أننا نشعر بالأمان نشعر بالأمان هنا في المغرب، ليس ببلد خطير على السياح".
اعتقال المشتبه فيهم
وصباح اليوم الخميس تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بتنسيق مع عناصر الشرطة بولاية أمن مراكش، من توقيف الأشخاص الثلاثة الذين يشتبه في مساهمتهم في تنفيذ هذا الفعل الإجرامي. علما أن سبق له أن قام بتوقيف المشتبه فيه الأول بمدينة مراكش صباح أول أمس الثلاثاء.
فيما قال موقع إخباري نرويجي إن السلطات المحلية قامت بإلقاء القبض على المشتبه فيهم داخل حافلة كانت متجهة من مدينة مراكش إلى مدينة أكادير. و قال سائق الحافلة صلاح ملوك حسب نفس المصدر إن المعتقلين الثلاثة كانوا جالسين في المقاعد الخلفية، و أضاف "طلب مني ضابط شرطة إيقاف الحافلة بجوار الطريق" مشيرا إلى أن بعد اعتقالهم، "عثرت الشرطة على أربعة سكاكين تحت مقاعدهم".