بدأت بعض خيوط جريمة مقتل سائحتين من النرويج والدانمارك، قبل أيام بمنطقة أمليل ضواحي مراكش، تتكشف، إذ تتحدث السلطات الأمنية عن ارتباطات لأحد المتورطين بجماعات متطرفة. ونهار اليوم تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بتنسيق مع عناصر الشرطة بولاية أمن مراكش، من توقيف الأشخاص الثلاثة الذين يشتبه في مساهمتهم في تنفيذ هذا الفعل الإجرامي. علما أن سبق له أن قام بتوقيف المشتبه فيه الأول بمدينة مراكش صباح أول أمس الثلاثاء.
وتعتبر هذه العملية الإرهابية الأولى التي يشهدها المغرب، منذ تفجير مقهى الأركانة بمراكش في شهر أبريل من سنة 2011، كما أنها الأولى التي تتم في العالم القروي.
وفي تصريح لموقع يابلادي قال محمد بنعيسى الباحث في المركز المغربي لدراسة الإرهاب والتطرف، ورئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، "لحد الساعة لا توجد أي جهة تتبنى العملية، كداعش أو تنظيم القاعدة، خصوصا وأن التحقيقات لا زالت جارية"، وواصل حديثه قائلا "استهداف السياح هو تطور خطير، وهذا يؤكد أن الفكر المتطرف لازال له حواضن في المناطق والفئات المهمشة، لأن المتورطين شباب لا يتعدى عمرهم 30 سنة".
وبحسب بنعيسى فإن هذه العملية تسائل "المجهودات التي يقوم بها المغرب، ولا أتحدث عن المستوى الأمني بقدر ما أتحدث عن المستوى الوقائي، لأن ما يعتمده المغرب في مجال الحقل الديني كله يجعلنا نسائل هذه المبادرات والمشاريع التي تستهدف محاربة التطرف".
وأكد المتحدث ذاته أنه بالرغم من أن "تنظيم داعش أصبح يندثر، إلا أننا نتحدث عن داعش كفكر، والذي يتضح من خلال الطريقة التي تم بها قتل الضحيتين، فكر داعش أصبح معولما بشكل أو آخر".
وزاد قائلا إن هذه الحادثة ستكون لها تداعيات، وسيعود موضوع التطرف إلى الواجهة من جديد، وأوضح أن "الاعتماد على المقاربة الأمينة يبقى قاصرا، رد الفعل لا يجب أن يكون انفعالي، ويجب على الدولة أن تتجه إلى الوقاية، لأن المقاربة الأمنية، هي آخر حل يمكن ان يتم الاعتماد عليها، خصوصا في الظواهر المعقدة مثل الإرهاب".
بدوره قال سعيد لكحل المتخصص في الجماعات الإسلامية، في تصريح لموقع يابلادي "في المغرب توجد خلايا إرهابية كثيرة تنتظر الفرصة، فالبلاد فيها بيئة خصبة لإنتاج الفكر المتطرف". وتابع "الدولة مسؤولة بجميع أجهزتها، لأنها تحمي ناشري الفكر التكفيري، كما أن البادية المغربية تعتبر مكانا خصبا لنشر الفكر المتطرف".
وعن الطريقة البشعة التي قتل بها الجناة الضحيتين قال لكحل "لجأ الإرهابيون إلى ذبح السائحتين، لأن الجماعات الإرهابية، تركز على عامل الخوف، وتريد من وراء ذلك ترويع المجتمع، وضرب الاقتصاد الوطني".
من جانبه قال إبراهيم الصافي المتخصص بدوره في الجماعات الإرهابية "إن المعطيات غير كافية لحد الآن"، وواصل أن "طريقة تنفيذ الجريمة، يراد من ورائها نشر الرعب، وإثارة الانتباه، ومحاولة اختراق دولة آمنة، وإعطاء صورة بأنه لا توجد أية دولة بمنآى عن التهديدات الإرهابية، مهما كانت قوة أجهزتها الأمنية والمخباراتية".
وختم حديثه قائلا "لكن حاليا لا يمكن أن نثبث هذه المعطيات، مالم نتأكد من أن هؤلاء ينتمون إلى جماعات إرهابية خارج المغرب ولو فكريا، هذا يمكن أن يكون عمل انفراديا، وربما يمكن أن يكون نتيجة عملية رصد من مكان آخر، والبادية هي مجرد مكان تنفيذ العملية".