قد يبدو التصنيف بهذا الشكل سهلا، ربما يلجأ إليه العديد ممن دافعوا على الخروج الأخير لمجموعة الثمانية بعد تحالف ثمانية أحزاب، لولا أن هناك موانع في الإيديولوجية والسياسة تجعل قسمة المشهد الحزبي على ثلاثة عملية غير ممكنة، إلى حدود اليوم على الأقل.
القطب الأول، اليسار ليس قطبا منسجما، حيث يوجد فيه اليسار الحكومي واليسار المعارض، اليسار الذي اختار أن يشارك في الانتخابات المقبلة واليسار الذي اختار المقاطعة، اليسار الذي منح غطاء سياسيا لحركة 20 فبراير واليسار الذي سرعان ما انقبل عليها ووصفها بالعدمية والفوضوية.
القطب الثاني هو الإسلاميين، ويشمل إلى جانب العدالة والتنمية أحزاب البديل الحضاري والحركة من أجل الأمة، وجماعة العدل والإحسان والحساسيات الإسلامية السلفية الأخرى مرورا بالشيخ الفيزازي ومن يتفق معه، إلى مختلف التيارات الأخرى التي لا ترى في العمل السياسي أية منفعة. وقطب الإسلاميين يتميز كذلك بعدم الانسجام، بل قد يصل الاختلاف بين مكوناته حد التناقض السياسي وإن جمع بينهم بعد التقارب الإيديولوجي في الكثير من القضايا.
القطب الثالث هو ما أصبح يسمى اليوم بمجموعة الثمانية، التي تضم أحزابا من اليمين واليسار والخضر والإسلاميين. ورغم عدم انسجامه الواضح يقول مؤسسوه إن ما يجمعهم هو "تشبعهم بثقافة الأنوار" وحرصهم على محاربة "الظلامية" والتيارات المشككة والتشكيكية.
من الواضح أن الأقطاب الثلاثة ليست أقطابا حزبية منسجمة، بل هي تسميات عامة، قد تعبر عن اصطفافات انتخابية كما تعكس ذلك مجموعة الثمانية وكما جسدته الأغلبية الحكومية الحالية، أو تقاربات سياسية تاريخية كما قد يمثل ذلك التقارب بين الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال والتقدم والاشتراكية، أو حتى التقارب الممكن بين الأحزاب الثلاث وحزب العدالة والتنمية. وقد تخترق هذا وذاك روابط قبلية تقليدية كالتي تتجسد في الحركة الشعبية وتوابعها من أحزاب الأطلس.
وإذا أمكننا أن نقارن مشهدنا الحزبي ببلدان جارة عاشت الربيع العربي مثل تونس ومصر، يمكن أن نلاحظ وجود أحزاب اليسار والأحزاب التاريخية والوطنية الليبرالية من جهة وأحزاب الإسلاميين من جهة أخرى، أما أحزاب السلطة، أو أحزاب الإدارة كما نسميها في المغرب، فلم يعد لها وجود بعد أن قضت عليها الثورة.