لعل قرار المكتب السياسي للحزب العمالي بتشكيل ما أصبح يعرف اليوم بمجموعة الثمانية قد أسفر على أولى نتائجه السياسية والتنظيمية داخل حزب الاتحادي السابق عبد الكريم بنعتيق. وكانت أولى ردود الفعل على تشكيل التحالف الجديد للأحزاب الثمانية أن قررت الكتابة الإقليمية للحزب العمالي في أسفي مغادرة الحزب بشكل جماعي احتجاجا على قرار بنعتيق الالتحاق بالشيخ بيد الله ومن معه.
وجاء في بيان الكتابة الإقليمية للحزب العمالي الذي وزعته على وسائل الإعلام أن قرار التحالف مع الأحزاب السبعة كان قرارا انفراديا لم يستشر فيه المكتب السياسي مكونات الحزب وقواعده. وقال أعضاء الكتابة الإقليمية إن قرار المكتب السياسي الانضمام إلى التحالف مع أحزاب يمينية وإسلامية جاء "خارقا لكافة الضوابط التنظيمية ومرفوضا شكلا ومضمونا".
واعتبر أعضاء الكتابة الإقليمية للحزب أن قرار المكتب السياسي يسير ضدا على ما سطره الحزب في أدبياته التأسيسية بانتمائه إلى عائلة اليسار الوطني وبأنه "أحد الدعائم السياسية لبناء نظام ديمقراطي حداثي ملتزم بمحاربة كافة أشكال الفساد". لهذا فقد قرر الأعضاء السبعة عشر للكتابة الإقليمية للحزب بأسفي تقديم استقالتهم.
وقد تكون الخطوة التي أقدمت عليها الكتابة الإقليمية بأسفي خطوة أولى من الممكن أن تتبعها مبادرات أخرى داخل الحزب في أقاليم أخرى. وإذا كانت مثل هذه الخطوات تجد تفسيرها في القرارات المنفردة للمكتب السياسي، فإنها تجد أسبابها كذلك في الهشاشة التنظيمية والسياسية لحزب حديث النشأة، وتخبط العناصر القيادية داخله. ولعل العودة إلى التاريخ القريب لزعيم الحزب بن عتيق كفيلة بتوضيح ذلك.
كان بن عتيق خلال التسعينيات عضوا نشطا داخل المكتب الوطني لشبيبة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى جانب عناصر قيادات أخرى أبرزها محمد الساسي، عضو المكتب السياسي للاشتراكي الموحد اليوم. وضل بنعتيق محسوبا على الخط السياسي الذي كانت تمثله الشبيبة الاتحادية آنذاك في مواجهة المكتب السياسي بقيادة اليوسفي واليازغي. بيد أن بنعتيق ما لبت أن اصطف إلى جانب الأموي من خلال قيادته لنقابة الأبناك، لينتقل بعد ذلك إلى جانب الحليمي الذي اعتبر أواسط التسعينيات العقل المدبر لخطوات الكاتب الأول الأسبق للاتحاد عبد الرحمان اليوسفي. من الشبيبة إلى التيار النقابي إلى الحليمي إلى الحزب العمالي بعد ذلك.
ولعل الكثيرين قد فسروا ذلك بطموح الشاب بنعتيق في تسلق المراتب الأولى داخل الاتحاد ولما لا ولوج المجال الحكومي، ولعله التفسير الذي قد يسعف اليوم في فهم انتقال بنعتيق إلى تحالف يقوده وزير أول مفترض لما بعد نونبر هو مزوار، ويرعاه الشيخ بيد الله وحزب الجرار.