تقترب وزارة الداخلية من حسم ما تعثر من تفاصيل القوانين الانتخابية المؤطرة لاستحقاقات 25 نونبر المقبل، حيث قدم وزير الداخلية الطيب الشرقاوي لمجلس الحكومة، خلال اجتماعه الأربعاء مشروعي قانونين تنظيميين يتعلقان بمجلس النواب والأحزاب السياسية، على أن يبث فيهما المجلس الوزاري فيما بعد.
وتتجه الأحزاب السياسية جلها نحو توجيه برلمانييها إلى التصويت على ما تم التوافق عليه الأسبوع الماضي، خصوصا ما يتعلق بالعتبة واللائحة الوطنية التي تقرر توزيعها بين النساء (60 مقعدا) والشباب (30 مقعدا).
وبموازاة التحضير السياسي والقانوني للانتخابات المقبلة هناك مسار أخر من التحضير، ويتعلق بما يمكن تسميته ب"التسخينات" الانتخابية التي تمارسها بعض الأحزاب السياسية استعدادا لنونبر المقبل.
يمكن أن نسوق أولى النماذج من البلاغ الذي أصدره حزب التقدم والاشتراكية ينتقد فيه أحزابا سياسية أخرى ويسمها بعدم الوضوح السياسي. حزب التقدم والاشتراكية، الذي وقع متم الأسبوع الماضي على بلاغ بمعية أحزاب يسارية أخرى، أصدر بلاغا سياسيا أعرب فيه عن استغرابه ل"وقوف مكونين اثنين من الأغلبية البرلمانية في منزلة بين المنزلتين، تارة ضمن الأغلبية، وتارة أخرى من موقع تحالف رباعي، إلى درجة تقديم تعديلات مشتركة على مشاريع الحكومة من خارج الأغلبية البرلمانية". وأشار الحزب إلى سلبيات ذلك وتداعياته السلبية عن العمل الحزبي، و"تضرب في مصداقيته، وتعمق عدم الثقة في ممارسة حزبية لا تحتكم لأية ضوابط".
ويقصد التقدم والاشتراكية ب"الحزبين" كلا من التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية اللذين أصبحا يشكلان تحالفا رباعيا إلى جانب الأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري، على الرغم من انتمائهما للأغلبية البرلمانية التي تدعم الحكومة الحالية. أما سياسة "المنزلة بين المنزلتين" التي ينتقدها التقدم والاشتراكية فهي ممارسة قديمة، يزداد التعاطي لها من طرف الأحزاب مع اقتراب المواعيد الانتخابية من أجل الظهور بمظهر المعارضة والتحلل من حصيلة الحكومة لجني ثمار ذلك انتخابيا. وأما عن خروج التقدم والاشتراكية لانتقاد ذلك فلا يمكن أن نفهمه بعيدا عن سعي الحزب، وهو الذي كثيرا ما يخذله "الحظ الانتخابي" في ربح مقاعد مهمة، إلى محاولة رسم موقعه وتجدره وسط أحزاب اليسار الديمقراطي، وتميزه عن ممارسات أحزاب أخرى وإن اشتركت معه في دعم الحكومة الحالية.
ثاني النماذج هو الرد الذي قام به حزب العدالة والتنمية على بلاغ الحكومة الذي انتقد فيه الحزب واعتبره يخدم أجندات أعداء الوطن والديمقراطية، بعد أن توالت تصريحات نواب وقيادات العدالة والتنمية مشككة في نتائج الانتخابات المقبلة وفي ترتيبات وزارة الداخلية. واعتبر أصدقاء بن كيران أن البلاغ الحكومي بلاغ "بئيس" لا يخرج عن "المناورات السياسية" التي دأبت الحكومة على حبكها منذ 2003. وأكد العدالة والتنمية على أنه وعلى الرغم "من الحملة التي تستهدفه" فإنه سوف "يتصدى للقوى المضادة للإصلاح".
ورد العدالة والتنمية حلقة أخرى لن تكون الأخيرة في حلقات شد الحبل مع الداخلية والحكومة، فتصريحات أحد قيادات الحزب ذهبت إلى اعتبار أن البلاغ الأخير للحكومة ضد الحزب ليس من صياغتها وإنما صاغه " أحد مهندسي الدستور الجديد واكتفت الحكومة بالتوقيع عليه".