شهدت مدينة فاس سنة 1929 بناء أول مستشفى بيطري للحيوانات في المغرب، حيث اتفق مجموعة من السياح والناشطين في مجال حقوق الحيوانات على جمع المساهمات من أجل تأسيس مستشفى بيطري مجاني.
وبدأت فكرة بناء "الفندق الأمريكي" نتيجة زيارة شابة أمريكية تدعى بيسي دين كوبر إلى شمال إفريقيا سنة 1926، وأشارت الكاتبة جانيت.م ديفيس في كتابها "The Gospel of Kindness. Animal Welfare and the Making of Modern America" إلى هذه الزيارة، حيث كتبت "مثل العديد من السياح، عاشت كوبر وأصدقائها العديد مغامرات في شمال إفريقيا".
وأثناء رحلتها إلى المغرب أرسلت كوبر العديد من الرسائل إلى بلدها، عبرت من خلالها عن مخاوفها بخصوص الطريقة التي تعامل بها الحيوانات في المملكة.
وكتبت كوبر في رسالة لها "لا يمكن اعتبار أي حيوان هناك سعيدا، الكلاب تعامل بقسوة بشعة، وحيوانات المزارع التي تستعمل للعمل، -الخيول والبغال والجمال، وقبل كل شيء الحمير- التي تعتبر الأكثر بؤسا ... لقد رأيت الكثير من الجروح المعفنة".
وانظمت كوبر وأصدقائها بعد سنة إلى جمعية ماساشوسيتس لمنع الاعتداء على الحيوانات الواقع مقرها في بوسطن، بهدف بناء مأوى ومستشفى للحيوانات في فاس. ثم تبرع الرحالة الأمريكي أمي بيند بيشوب بمبلغ 8000 دولار لبناء المستشفى.
وبعد ذلك تم إنشاء الفندق الأمريكي بفاس من أجل استقبال ومعالجة حيوانات العائلات الفقيرة مجانا، وتقديم الرعاية للخيول والحمير والبغال. وأوضحت جانيت م، دافيس أنه بعد تأسيس الفندق سنة 1929 شغلت "بيسي دين كوبر منصب امينة صندوق المستشفى، في حين شغل رئيس جمعية ماساشوستيس الكاهن فرانسيس رولي منصب رئيس الفندق".
وشكل الفندق الأمريكي أول مؤسسة لرعاية الحيوانات في مدينة فاس، التي كان فيها الناس يعتمدون على حيواناتهم، خاصة الدواب بشكل كبير لنقل البضائع وإنجاز الكثير من الأعمال، إلا أن السكان المحليين رفضوا أنداك فكرة وجود ملجأ أمريكي لحيواناتهم.
وأشارت جانيت م.دافيس، نقلا عن مسؤولي جمعية ماساشوسيتس أن السكان ظنوا أن "المستشفى يشكل تهديدا لمصدر رزقهم، باعتبار أنه عندما سيكون الحيوان المريض في المستشفى، لن يتمكن من العمل في الشارع"، خاصة بعد ما وضع حاكم مدينة فاس والحكومة الاستعمارية الفرنسية "قانونا جديد ضد تعنيف الحيوانات"، وأمر السلطات المحلية بنقل الحيوانات المصابة إلى الفندق الأمريكي من أجل تلقي العلاج.
لم يشكل الفندق مستشفى وملجأ للحيوانات فقط، بل اعتبر أيضا مؤسسة توطد العلاقات المغربية الأمريكية، ففي منتصف الخمسينات، وبعد استقلال المملكة المغربية من الاستعمار الفرنسي، أشاد السفير الأمريكي الأول إلى المغرب كفانديش و. كانون بالأعمال التطوعية الأمريكية في المغرب، مستشهدا بالفندق الأمريكي.
وقال كانون في إحدى خطاباته "نحن فخورون برؤية رايتنا ترفرف في هذا الموقع الرفيع، وجد سعداء بالسمعة الجيدة والمودة التي يكنها أهل المنطقة لهذه المؤسسة".
وأشار إلى أن الفندق شكل مساهمة "هامة للغاية في عمل الحكومة والشعب الأمريكيين لتعزيز اهتمامات الولايات المتحدة بالمغرب".
ولا يزال الفندق الأمريكي يقوم بمعالجة الحيوانات المريضة إلى اليوم تكريسا للهدف النبيل وراء إنشاءه، وبحسب موقع الفندق فإن المؤسسة الآن تتألف من "طبيبين بيطريين مقيمين وحداد و8 موظفين آخرين".
وأضاف المصدر ذاته أن المؤسسة تتوفر على "مختبر يساعد على التشخيص ومرفق جراحي صغير من أجل الإجراءات الجراحية الروتينية".