لا يزال الجدل الواسع الذي أثارته قضية تعرض عاملات موسميات مغربيات إلى "التحرش الجنسي" في إسبانيا، وتقديم العديد منهن لشكاوى ضد مدرائهن قائما في كل من إسبانيا والمغرب، حيث صرحت عشرة نساء مغربيات من العاملات الموسميات بحقول الفراولة لوكالة "فرانس برس" يوم أمس الأربعاء 27 يونيو أنهن واجهن "الكذب والاستغلال والتحرش الجنسي".
وأكدن أنهن واجهن منذ وصولهن إلى إسبانيا عدة صعوبات، عكس ما قيل لهن عندما كن في المغرب، حيث اضطررن إلى العمل أكثر من 12 ساعة في اليوم من أجل جني 5 كيلوغرامات من الفراولة، وإلى دفع تكاليف إقامتهن.
وأشارت وكالة فرانس برس إلى أن خمس من بين هؤلاء النساء انضممن إلى عشرات النساء اللاتي تقدمن بشكوى رسمية بخصوص تعرضهن إلى الاعتداءات الجنسية عند السلطات الاسبانية، فيما ترغب أخريات بحسبها في القيام بنفس الخطوة.
ونقلت الوكالة الفرنسية شهادات لمعاملات مغربيات، حيث قالت إحداهن تحفظت عن ذكر اسمها واختارت الوكالة أن تطلق عليها اسم ليلى إن "ما يوجد في العقد لا علاقة له بالواقع".
الشاهدة ذاتها أكدت أنها اعتادت العمل لشركة تدعى "دونانا 1998"، وهي الشركة التي نفت جميع اتهامات الاستغلال الجنسي، بل واتهمت العاملات بافتعال هذه الضجة من أجل البقاء في إسبانيا.
وفي شهادة مماثلة أكدت عاملة أخرى اسمها عبيدة (اسم مستعار)، وتبلغ من العمر 35 سنة، أنها وقعت عقدا في المغرب قبل توجهها إلى إسبانيا، ويشير العقد إلى أنها "ستحصل على راتب يتراوح بين 39 و40 يورو (أي من 46 إلى 47 دولار يوميا) مقابل ستة ساعات ونصف من العمل، مع يوم عطلة كل أسبوع".
لكن وبمجرد أن وطأت أقدامها مدينة هويلفا حتى تم إخبارها بحسب شهادتها بأنها ستحصل على 75 سنت مقابل جني خمسة كيلوغرامات من الفراولة، مؤكدة أنهن "كن يجنين الفراولة بسرعة فائقة" خشية طردهن من العمل.
في حين تحدثت ليلى وعبيدة عن الاستغلال وظروف العمل السيئة، أشارت شريفة، البالغة من العمر 23 سنة إلى تعرضها للإهانة من قبل مديرها الذي عرض عليها 50 يورو مقابل ممارسة الجنس معه، كما أشارت فادية، البالغة من العمر 29 سنة، إلى أنها تعرضت للاستغلال من قبل مديرها الذي عرض عليها توصيلها إلى منزلها، وقالت "اضطررت أن أقاومه في المقعد الأمامي.. أمسكني وقبلني بقوة، ولمس صدري".
لكن ليتيم رأي آخر ...
ورغم حديث وسائل الإعلام الوطنية والدولية، عن معانات العاملات الموسميات المغربيات، لازال وزير الشغل والإدماج المهني محمد يتيم، يصر على أن ظروف عمل هؤلاء العاملات في إسبانيا جيدة.
فقد قال في تصريح لوكالة المغرب العربي يوم أمس الأربعاء بطنجة، إن العملية المتعلقة باشتغال العاملات الموسميات المغربيات في ضيعات الفواكه الحمراء بهويلفا مرت في ظروف "جيدة".
وأعرب يتيم الذي يقود وفدا من ممثلي الوزارة والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات لميناء طنجة المدينة للإشراف على عملية عودة العاملات الموسميات للمغرب، عن ارتياحه للظروف التي مرت بها عملية جني التوت الأرضي والفواكه الحمراء سنة 2018.
وسجل الوزير أن العديد من العاملات، سواء اللائي استفدن من العملية عدة مرات أو لأول مرة، أعربن عن رغبتهن في تكرار العملية مرة أخرى، ما يؤكد أن الظروف كانت فعلا "جيدة"، مشددا على ضرورة العمل من أجل تحسين هذه العملية الهامة التي تستفيد منها العديد من العائلات وضمان نجاحها، خاصة في ظل تزايد الطلب على اليد العاملة المغربية من جانب السلطات والمشغلين بإسبانيا.
ونقلت الوكالة الرسمية تصريحات لعاملات لدى وصولهن إلى ميناء طنجة المدينة، عبرن فيها عن "ارتياحهن لظروف الاشتغال والإقامة في الضيعات الفلاحية الإسبانية".
وبحسب الوكالة فقد أكدت العاملات "عدم تعرضهن لأي شكل من أشكال العنف"، وأعربن "عن الأمل في أن تتاح لهن فرصة خوض هذه التجربة مجددا السنة المقبلة للاستجابة لحاجيات أسرهن".
وللإشارة فإن عملية تشغيل العاملات الموسميات بإسبانيا تؤطرها اتفاقية اليد العاملة المبرمة بين البلدين بتاريخ 25 يوليوز 2001.