في هذا الحوار يضع الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي عمر الشرقاوي، النقاط على الحروف، ويوضح سلبيات هذا المقترح.
ما رأيك في الصيغة الجديدة لمقترح قانون معاشات تقاعد البرلمانيين؟
مجلس النواب يسوق الوهم، حيث لجأ لأمور ثانوية، وجعل منها أمورا أساسية من أجل إطلاق دعاية لقبول هذا الإصلاح.
اليوم يطرح هذا الإصلاح مشكلا أساسيا، يجب أولا أن نفهم بأن تقاعد البرلمانين لم يحدث إلا في حدود سنة 1993، إذن فالبرلمانيين سابقا لم يكن لديهم أي تقاعد، مع العلم أن أقوى الولايات التشريعية هي التي كانت قبل سنة 1992، حيث كان البرلمانيون آنذاك معروفون بالجدية في عملهم.
الحبيب المالكي يبذل مجهودا استثنائيا من أجل الاستمرار في هذا النظام الذي أصبح خارج السياق، ويمثل نظاما للمكافئات فقط.
ما هي المشاكل التي يطرحها هذا المقترح في نظرك؟
هذا القانون كله هفوات وبه مشاكل كثيرة لأنه موضوع حسب أهواء البرلمانين. خمسة من بين هذه المشاكل تعتبر الأكثر أهمية وخطورة: أولا هذا المقترح يفيد بأن تقاعد البرلمانين معفي من الضرائب ومن أي تصريح، علما أن الفكرة الأساسية وراء ظهور البرلمانات هي الضريبة، فهذه الأخيرة تعد عنوانا للمواطنة، لذلك يعد إعفاء رؤساء البرلمانين من الضريبة فضيحة، حيث لا يوجد هذا الأمر في أي برلمان في العالم.
ثانيا، هذه التعويضات محصنة من قبل القضاء ولا يمكن الحجز عليها، في حين يمكن للقضاء حجز تقاعد المواطن العادي لأداء ديون الآخرين.
ثالثا، تضم الصيغة الجديدة قانونا يسمح بتعدد الحصول على المعاشات، أي أنه يمكن الاستفادة من معاش البرلمان ومن معاش وظيفة أخرى، وكلاهما تدفعها الدولة، علما أن القاعدة العامة في معاشات العالم هي معاش لكل مواطن، ولا يمكن الجمع بين المعاشات.
كما أنه هناك مادة في القانون الجديد تنص على أنه كلما كان صندوق المعاش مهددا بالإفلاس، يتوجب على الدولة والبرلمانيين رفع مساهماتهم، حاليا على الدولة دفع 2900 درهم لكل برلماني. وهذا يعني بأن الدولة ستضطر لتحمل أعباء إضافية من خلال رفع مساهماتها اعتمادا على أمول دافعي الضرائب كلما كان الصندوق مهددا بالانهيار.
والنقطة الخامسة التي تمثل الكارثة الحقيقية، هذا النظام يمس بالدستور لأنه يضم مادة تنص على أن يدخل القانون حيز التطبيق بشكل مباشر، وهذا ما يمس بقاعدة أساسية في الدستور وهي عدم رجعية القوانين وهذا يعني أنه فور المصادقة على القانون سيستفيد منه البرلمانيون الذين يتجاوزون 65 سنة فقط، ولكن لا يمكن نزع الاستفادة عن أولئك الذين كانوا يتمتعون بها من قبل، لأن هناك قاعدة دستورية لا يمكن المس بها لأنه لا يوجد أي قانون يحرم الناس من الحقوق المكتسبة.
لكن النص يشير إلى أن الحكومة لن تتدخل في هذا الملف وأنه يقوم على "موارد خاصة"...
لا يمكن.. عند الاطلاع على القانون يبدو واضحا أن الدولة ستتدخل في ثلاث مناسبات، أولا مساهمة المجلس (أي خزينة الدولة) التي تقدر بـ 2900 درهم لـ 395 برلماني من مجلس النواب و120 من مجلس المستشارين، إذن ستقدم الدولة ما يقارب مليار و400 مليون سنويا. بالإضافة إلى أن الدولة ستزيد من مساهماتها كلما كان الصندوق مهددا كما ذكرت سابقا. وأخيرا هناك مادة في هذا المقترح توضح أن مداخيل الصندوق هي أساسا من مساهمات الدولة. إذن فالدولة حاضرة بقوة، ولو لم تكن حاضرة لما طرح المشكل أساسا.
ماهي الخططوات التي يمكن لمناهضي هذا المقترح القيام بها؟
لا يمكنهم فعل أي شيء سوى الاستنكار، لكن يمكن للبرلمان أن يتجاهل ذلك ويصادق على هذا المقترح، هذه الخطوة ستكون مخاطرة كبيرة لأنه لا أحد سيثق في هذه المؤسسات وستفقد السياسة معناها الأساسي، وسيصبح معروفا عند المواطنين أن المبتغى الأساسي للسياسة هو جمع المال وضمان المستقبل، وهذه هي الكلفة الكبيرة التي سيدفعونها.
من الممكن أن يفشل المواطنون في إيقاف هذا المقترح الغريب، لكنهم لن يثقوا في البرلمان مرة أخرى، ولن يشاركوا في الانتخابات التشريعية، لذلك يجب على السياسيين فهم أن المغامرة بتبني هذا المقترح هو قتل للسياسية.