كان حزب الاستقلال وعلال الفاسي خصوصا يطمح إلى استعادة المغرب للأراضي الصحراوية الخاضعة للاستعمار وإنشاء "المغرب التاريخي"، الذي يضم أقاليم الساورة وتندوف في الجزائر، و الصحراء الغربية الخاضعة للأسبان، و موريتانيا المحتلة من قبل الفرنسيين، وقد أكد الفاسي على هذا الخيار الاستراتيجي بمقال في جريدته "صحراء المغرب" ذكر فيها بماضي النضال المشترك، وبتجربتي الوحدة المشرقية مخاطبا النخب السياسية بالقول: "فكيف يمكننا أن نشتغل الآن بتدعيم المرحلة الأولى من استقلالنا وننسى هذه الغاية التي هي مقدمة مبادئنا؟ و أن استمرار الحرب التحريرية في الجزائر وفي الصحراء لا ينبغي أن يكون عائقا في وسائل تحقيق هدف الاتحاد المغاربي الذي سيسهل علينا حل كثير من المشاكل التي خلفها الاستعمار في بلادنا".
وأعلن علال الفاسي في كتابه "منهج الاستقلالية "بداية عام 1962، أن الشعب المغربي ينتظر استقلال الجزائر بفارغ الصبر لاستئناف العمل في بناء صرح وحدة المغرب العربي، وعلى الرغم من أن الحكومة المؤقتة أعلنت أنها غير أهل للنظر في مشكل الحدود إلا بعد الحصول على الاستقلال إلا أنها وجدت نفسها في بداية عام 1962، مضطرة للتجاوب مع المطلب المغربي، فتشكلت لجنة مشتركة جزائرية مغربية لدراسة المشكل، واقترحت أن تدرس كذلك مشروع وحدة المغرب العربي، والتي اعتبرتها الجبهة محاولة فرنسية متأخرة لتمزيق التضامن المغربي – الجزائري.
ويؤكد علال الفاسي"أن قضية الحدود مشكلة من مخلفات الاستعمار يمكن البحث في حلها عن طريق التفاهم بين الأشقاء، ولقد كان بالاستطاعة التفاهم مع اسبانيا في حل بقايا الاستعمار السابق ببلادنا، لان هذه الدولة جارة لنا، وتعرف من حقائق أمورنا ما لا يمكن تجاهله أو نكرانه، وهنا أجدني مضطرا للإعراب عن ألمي من السياسة التي اتبعتها الحكومة في المطالبة باستقلال صحرائنا الجنوب، إن هذه الأراضي مغربية، ولو احتجنا شاهدا عدلا على صحة ذلك لما وجدنا أحسن من اسبانيا نفسها، لقد استعمرتها اسبانيا حقا، ولكن الاستعمار شيء وإنكار أصل البلاد شيء أخر، إن مواطنينا في هذه المنطقة مؤمنون بمغربيتهم، ونحن مؤمنون بأنهم إخواننا وأرضهم جزء لا يتجزأ من وطننا، ولكن عددهم قليل بالنسبة لمساحة هذه الصحراء الكبيرة، فالخطر إذن قائم من فسح المجال لهجرة أجنبية يصبح معها جنوب المغرب بلدا غير عربي ولا إسلامي، فالساقية الحمراء التي تبلغ مساحتها 285000 كيلومتر مربع لا يسكنها أكثر من أربعين ألف نسمة، كلها مغاربة لحد الآن".
ومن نتائج هذه التحولات والطموحات أن اندلعت حرب الرمال بين البلدين الشقيقين في أكتوبر 1963، سالت فيها دماء الأشقاء وفي طليعتهم صفوة من رجالات الكفاح والجهاد التحرري.
حرب الرمال هذه، بخلفياتها، وتداعياتها، وملابساتها شكلت بدورها أزمة أخرى تضاف إلى باقي الأزمات، وهي أزمة تختلف عن الأخريات لأنها تختزنها ذاكرة أجيال ما بعد استقلال الشعبين، أجيال لا دراية لها بأطوار الكفاح المشترك، ولا بالحروب التحريرية، وكل ما عايشته وتفاعلت معه منذ حرب الرمال وإلى اليوم، حالات المد والجزر والتوتر التي تطبع العلاقات المغربية – الجزائرية، لم تصل مع ذلك، إلى مستوى القطيعة، بحكم ما يربط الشعبين من روابط متينة تستمد مقوماتها من نبع لا ينضب، منبع الأخوة الإسلامية التي توصي بالجار الصالح.