أعلن المغرب خلال الأسبوع الماضي عن قرب البدء في تشييد ميناء الداخلة الأطلسي الذي يعد اكبر مشروع على مستوى جهات الجنوب الثلاث، وبحسب قصاصة لوكالة المغرب العربي للأنباء فإن الميناء الجديد يعد لبنة هامة لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصناعية بالجهة في مختلف القطاعات المنتجة (الصيد والفلاحة والمناجم والطاقة والسياحة والتجارة والصناعات التحويلية).
وفي تعليق منه على أهمية الميناء قال عبد القادر اعمارة، وزير التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، إن هذا الميناء سيكون من الموانئ الكبرى في المملكة، مضيفا أن "الداخلة تسير بثبات إلى أن تكون من العواصم الإفريقية المهمة على المستوى الاقتصادي والتنموي والديموغرافي والثقافي".
ويرى مراقبون أن الإعلان عن تشييد هذا الميناء، يأتي في إطار الرد على التقارب الموريتاني الجزائري، حيث قرر البلدين قبل أيام افتتاح معبر حدودي بري بينهما، في محاولة منهما لإضعاف معبر الكركرات، الذي يعتبر المعبر الوحيد للمغرب نحو دول غرب إفريقيا.
ميناء الدخلة..خطوة سياسية أكثر منها اقتصادية
وفي تصريح لموقع يابلادي قال الباحث والمحلل السياسي الموريتاني الحافظ ولد الغابد إنه من خلال "الخطوة المغربية الأخيرة والمتمثلة في إنشاء ميناء جديد في مدينة الداخلة الصحراوية والقريبة من موريتانيا، تكون الحكومة المغربية قد مارست نوعا من المناورة السياسية والاقتصادية الموجهة أساسا إلى نواكشوط والتي ضغطت خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير على المغرب من خلال المعبر الحدودي الكركرات".
لكن بالمقابل أوضح أن "موريتانيا بدأت بالفعل بفتح معبر حدودي بالاتفاق مع الحكومة الجزائرية، وهو المعبر الذي سيشكل منافسة للبضائع المغربية التي تغذي السوق الموريتانية بشكل كبير".
وأضاف أن "ميناء الداخلة سيكون له تأثير على ميناء نواكشوط الناشئ خلال السنوات الأخيرة، والذي يعتبر منفذا للعديد من الدول الإفريقية خصوصا جمهورية مالي وبوركينافاصو".
وتابع "أظن أن هذه الخطوة المغربية هي أساسا خطوة تكتيكية، لتخفيف الضغط الموريتاني المبني أساسا على أسباب سياسية أكثر منها أسباب اقتصادية. ذلك أن موريتانيا تأخذ على الحكومة المغربية سماحها لرجل الأعمال الشهير محمد ولد بوعماتو وأيضا كذلك للمعارض الموريتاني المصطفى ولد الإمام الشافعي بممارسة نشاطاتهم المناوئة لنظام ولد عبد العزيز في المملكة".
ورأى أن "المنافسة بين المغرب والجزائر على موريتانيا هي منافسة سياسية، فربما نظام ولد عبد العزيز مال خلال السنوات الماضية قليلا إلى النظام الجزائري في المواقف السياسية الإقليمية، وهو ما أدى إلى ردة فعل مغربية قوية، لاحظناها من خلال الحضور الكبير للملك محمد السادس خلال السنوات الماضية في إفريقيا وعودته إلى الاتحاد الإفريقي، ومحاولة انضمامه إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا".
وأكد أن "هذا التنافس السياسي يمكن أن يصير تنافسا اقتصادي، خصوصا وأن السوق الموريتانية في بعض المدن تتمون بالمنتوجات الجزائرية التي تعتبر رخيصة أكثر من نظيرتها المغربية، ولكن فيما يخص الفواكه والخضروات لا يمكن لموريتانيا أن تستغني عن المغرب".
وختم حديثه للموقع قائلا "أظن أن المغرب إن اتجهت إلى تخفيف مواقف بعض المعارضين، فلاشك أن ذلك سيحلحل الوضع، أكثر من الاندفاع والانخراط في منافسة إقليمية تركز على الجوانب الاقتصادية عبر موانئ ومعابر...".
من جانبه أكد محمد محمود الصديق رئيس المركز الموريتاني للدراسات الاستراتيجية، أن ما سيتأثر أكثر بميناء الداخلية هي "المدينة الحرة في نواديبو، خاصة إذا قررت الحكومة المغربية أن تنشئ مدينة حرة على غرارها في الداخلة".
ورأى بدوره أن "القرار المغربي سياسي أكثر منه اقتصادي، لأن موريتانيا فتحت معبرا حدوديا مع الجزائر، وتحاول أن تكون الحركية الاقتصادية مع الجزائر أكثر من المغرب". وتابع أن آثار الخطوات التي اتخذها المغرب من جهة وموريتانيا من جهة ثانية "قد تزول بانتهاء الأزمة الدبلوماسية بين البلدين".
وحول ما إذا كانت المغرب والجزائر قد دخلا في صراع اقتصادي حول موريتانيا قال "من الأكيد أن حظ المغرب في منافسة الجزائر على السوق الموريتاني أكبر، فالمغرب أكثر إنتاجا وقوانينه أحسن من تلك المعمول بها في الجزائر. ولكن نعلم أن السياسية قد تؤثر على الاقتصاد".