وبالرغم من كل الأحداث الظالمة التي طالتنا ازدادنا قناعة بأن لا أمن ولا استقرار بل لا مستقبل للمغرب من دون تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة .
الزمن الذي نعيشه زمن معقد يستوجب تجميع كل القوى الحية لمواجهة تحدياته ومتطلباته وتعقيداته ولقد استرعى انتباهي جملة قالها الرئيس الفرنسي في أول كلمة له بعد تسلمه رآسة الجمهورية، قال : "لا شيء سيتم التعامل معه باتستسهال أو بالبحث عن حلول وسطى . لا شيئ سيضعف تصميمي ، أو يجعلني أتراجع عن الدفاع في أي وقت ومكان عن المصالح العليا لفرنسا . ستكون لي في نفس الوقت الإرادة الثابتة لمصالحة وتجميع كل الفرنسيين . " .
نعم عندما كان الرئيس الفرنسي يؤكد على إرادة المصالحة وتجميع الفرنسيين ، أثارتني واستفزتني خلاصات وتصريحات قادة ومسؤولي أحزاب الأغلبية ببلادنا حول الوضع الحساس في الريف والحسيمة تحديدا. تصريحات أقل ما يقال عنها أنها كانت بنفس ضيق متوترة ومنها من افتقد الرشد وهي تعلن أن حراك الحسيمة وجوارها وراءه خونة وعملاء !.
أكيد أن بلادنا مستهدفة بالتفكيك تحت مسمى الفوضى البناءة ، في أفق بناء شرق أوسط جديد ، شأنها في ذلك شأن كل دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط ومن عزم الأمور أن نستحظر امكانية اختراق نسيجنا الاجتماعي والسياسي والاقتصادي من طرف الجهات التي تسعى لنشر الفوضى البناءة ببلادنا . بل أكيد أن لعبة الأمم الاستعمارية على أشدها ببلادنا. ولكن هل من المعقول أن نواجه حراك الحسيمة باختزاله في العملاء والخونة ؟. إنه العجز والهروب نحو الحلول السهلة والسريعة التي تحل الأمور بالتخوين الذي يسبق القمع وخنق الأنفاس .
من جهتي أقول ، إذا كان رموز حراك الحسيمة يرفضون تهمة التخوين فهذا يكفيني وأنا أصدقهم وأقول للمسؤولين بهذه البلاد أنه مهما يكن من مناورات لبعض من بهم دخن (إن كانوا موجودين داخل الحراك ) فلن يفلحوا إن نجح المغاربة في إيجاد الحلول للمشاكل التي تعاني منها ساكنة الريف والتي هي نتاج لظلم وحگرة عاشتها المنطقة لعقود آن الأوان لجعل حد لهما ، آن الأوان لفتح صفحة المصالحة التارخية الشاملة مع الحسيمة وغير الحسيمة . لن يتأخر عنها إلا من به دخن سواء كان عميلا لأجندة خارجية أو كان فاسدا ريعيا حگارا. و أتوجه لفضلاء هذه البلاد وحكمائها وشرفائها، لأقول : تعالوا بنا إلى كلمة سواء ، تعالوا بنا نطلق مبادرات لمصالحة وطنية شاملة لأنها الأمل وهي المستقبل .