القائمة

الرأي

بعد خروج بعض أبناء الحسيمة فرحا بإقصاء المنتخب المغربي..من يكره الوطن لأبنائه ؟

لماذا خرج بعض أبناء الحسيمة للتعبير عن فرحتهم من هزيمة المنتخب المغربي أمام نظيره المصري بالرغم من أن العديد من اللاعبين في المنتخب الوطني منحدرين من الريف ؟

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

بداية أقول أن هذا سلوك غير سوي وقد يفسره البعض على أنه مؤشر لوجود نزعة انفصالية في الريف . شخصيا وإن كنت أعرف أن بعض أبناء الريف لهم هذه النزعة فإني أعزو خروج هؤلاء الفرحين لهزيمة المنتخب المغربي لرغبتهم في الشماتة من الفاعل السياسي والنظام بالدرجة الأولى الذي يرون أنهم يستثمرون كل الامكانيات والجهود لكي يجعلوا من كرة القدم وسيلة لإدخال بعض السعادة في نفوس المواطنين المغاربة الذين ملوا الهم والكدر والإخفاقات ومن أجل تلميع صورة البلاد . فالنجاح في المجال الرياضي يعني أن المجالات الأخرى بخير حسب اعتقاد بعض أصحاب القرار .

فرحة المعارضين بهزيمة المنتخب الوطني ليست جديدة ، ففي سنوات الرصاص قلما كنت تجد مناضلا يفرح لانتصار الفريق الوطني في كرة القدم لأنه كان يعتقد أن النظام سيستثمر هذا الانتصار في الدعاية وفي الاستمرار في السياسات القمعية، ولكن لم يتجرأ يوما أحد منهم للخروج للشارع معلنا فرحته بخيبة المنتخب الوطني، فالجماهير لا تفهم ولا ترى أن الأمر بكل هذا التداخل والتعقيد .

اليوم لا بد أن نطرح الأسئلة التي ستساعدنا على الفهم. فهم لماذا تحول مناضلون من اليسار الراديكالي كانوا يؤمنون بالبؤرة الثورية في الصحراء إلى دعاة انفصال في الصحراء؟ ولماذا يمد الآخر يده للاستعمار وقد يأتي على دبابته كما حصل في العراق أو يستعمل أموال وأسلحة الأجنبي لقلب نظام بلاده أو لإثارة الفتنة فيها كما يحدث اليوم في بعض الدول العربية ؟ .

من الذي يكره الأوطان لأبنائها ويدعهم دعا نحو هذه المواقف السلبية المخزية السيئة أو على الأقل يدفعونهم إلى الهجرة ونسيان الأوطان ؟.

عندما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرا نحو المدينة ، التفت نحو الكعبة مودعا لها وقال : " أمَا والله لأخرج منك، وأني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلىَّ، وأكرمه على الله ، ولولا أن أهلك أخرجونى منكِ مَا خرجت".

أخرجوه منها بظلمهم وبتآمرهم وباستبدادهم وبتهديدهم لحياته وحياة أتباعه وحريتهم . فالوطن ليس إلها يعبد في كل الحالات ، بل مجال ينشأ فيه الإنسان وتربطه به روابط تجعله يحب ذلك الوطن ويخلص له . لكن بوجود الفساد والاستبداد والظلم والاحتقار و حكم الهوى يقل ذلك الحب وذلك الارتباط ولا يكاد يبقى .

نعم ، عندما يصبح الوطن رهينة في يد أبناء الذوات ينعمون بخيراته ويتقاسمونها ريعيا في ما بينهم من دون باقي الجماهير التي تعيش البؤس والعوز والفقر والمذلة ، حينما يضرب العبث السياسي ويبلغ مبلغه ، حينما يتولد الإحساس أن صناع الخرائط السياسية بالمال والفساد يدفعون دفعا نحو السلبية والاستقالة ، حينما يموت أو يكاد الحلم في اقرار الديمقراطية و في بناء نظام اقتصادي مبني على التعاون والتعاضد والمساواة والكرامة . حين يصبح القضاء قنطرة للقمع والانتقام ومباراة التوظيف وسيلة لتصفية الحسابات مع المناضلين ، وحينما يشعر المواطن المقهور أن الرهان على مباراة في كرة القدم أو مهرجان غنائي أو تكريم فنان أو فنانة على رداءتهما وبذاءتهما وانحطاطهما هو وسيلة الفاعل السياسي لكي يبدي انجازاته ويعتز بها ويظهر أن "الدنيا بخيير" ، يكون التعبير عن الفرحة وتشفي سبيل للانتقام من الحاكمين .

قلتها ولن أمل من قولها، نحن اليوم في حاجة إلى مصالحة وطنية تاريخية، مصالحة مع الأشخاص نستمع من خلال سيرورتها لكل من له شكوى أو مظلمة ونعيد الاعتبار إلى المظلومين منهم، ننصفهم نحترم كرامتهم ومواطنتهم. ومصالحة مع الجهات التي مورس في حقها التهميش والإهمال والأهم لا بد أن نمضي قدما في تحقيق الانتقال إلى الديمقراطية .

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال