وتأتي مصادقة مجلس المستشارين عقب مصادقة مجلس النواب، بالإجماع، أمس الأربعاء، على مشروع القانون، وذلك في أول جلسة تشريعية له برسم الولاية البرلمانية العاشرة.
وأشاد وزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار، في كلمة له خلال هذه الجلسة، بالروح الوطنية العالية التي تفاعل بها مجلسا النواب والمستشارين "في تأكيد جديد على أنه عندما يتعلق الأمر بالقضايا الوطنية الكبرى نقف جميعا صفا متراصا وراء جلالة الملك محمد السادس لنعطي نموذجا ساطعا لمعنى الأمة والوطنية".
وأبرز مزوار أنه منذ أن بادر الملك محمد السادس إلى اتخاذ قرار استئناف شغل عضوية المغرب في المؤسسات القارية وصولا إلى تعليمات جلالته الأخيرة بتسريع إنجاز المسطرة القانونية الخاصة بالمصادقة على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، "أدرك الجميع أن المغرب بصدد إنجاز خطوة تاريخية تتوج مسار سنوات من تقوية علاقات المملكة مع بلدان القارة التي لم تفتر يوما، بل عرفت غنى وزخما مشهودين في عهد جلالة الملك محمد السادس".
وقال الوزير، في هذا الصدد، إن المغرب يمتلك توجها إفريقيا واضح المعالم مكتمل الأركان، يشكل أحد أعمدة السياسة الخارجية للمملكة، مؤكدا أن هذه السياسة "ليست ظرفية أو وليدة تدبير ملف وحدتنا الترابية، بل هي تجسيد للانتماء الأزلي والمصيري للفضاء الإفريقي".
وسجل مزوار أن ردود الفعل المتشجنة لبعض الأطراف أوضح دليل على التوجس من فعالية هذه السياسة وعلى الإزعاج الذي تسببه، موضحا أن سياسة المغرب "ليست موجهة ضد أحد بل هي يد ممدودة للجميع في إطار احترام سيادة الدول".
وخلص مزوار إلى أن المصادقة على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، اليوم، ليست عملا مسطريا وحسب، بقدر ما هي "رسالة دبلوماسية واضحة بشأن وحدة الصف الداخلي وجدية بلادنا في المشهود لها بالتشبث بالمشروعية واحترام التزاماتها".
وقد أجمعت مختلف مداخلات الفرق والمجموعات البرلمانية، باختلاف انتماءاتها السياسية والنقابية والمهنية، على الإشادة بالخطوة "التاريخية" المتمثلة في قرار المغرب العودة إلى أسرته المؤسسية القارية، مسجلة أن هذا الأمر سيتيح للمملكة الدفاع عن مصالحها السياسية والاقتصادية.
واعتبرت أن معركة دخول المملكة إلى المؤسسة الإفريقية تقتضي من ممثلي الأمة إعمال الدبلوماسية البرلمانية لمجابهة مناورات خصوم الوحدة الترابية، ودحض الأطروحات الانفصالية التي يتم تسويقها داخل المنتظم الإفريقي، مسجلة أن المغرب بقي وفيا ومخلصا لأسرته الإفريقية، ولم تنقطع أبدا علاقاته والتزاماته بالقارة وبالدفاع المستمر عن مصالحها.
وأبرزت المداخلات، أيضا، أن المملكة اختارت، في سياق دولي يتسم بتركيز الجهوية الاقتصادية، توطيد علاقات الشراكة مع الدول الإفريقية وفق مبدأ رابح-رابح، مؤكدة أن هذه العودة ستمكن من تقاسم الخبرات والتجارب التي راكمها المغرب، في مختلف الميادين، مع الدول الإفريقية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة للقارة ومواجهة إكراهات العولمة والتحديات المرتبطة بها.
وجدير بالذكر أن المجلس الوزاري المنعقد في 10 يناير الجاري بمراكش برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، كان قد صادق على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي الموقع بلومي في 11 يوليوز 2000، وبروتوكول التعديلات المتعلق به، وعلى مشروع القانون الذي يصادق بموجبه على هذا القانون.
وتندرج مصادقة البرلمان المغربي، بمجلسيه، على هذا النص في إطار تفعيل القرار الذي أعلن عنه الملك محمد السادس، في خطابه الموجه للقمة الإفريقية السابعة والعشرين، التي احتضنتها كيغالي، والمتعلق بعزم المملكة المغربية العودة إلى مكانها داخل أسرتها المؤسسية القارية.