القائمة

الرأي

نظام الكتاتيب في المغرب يهذب ولا يخرب !

قال الشاعر ابن عبد ربه :
العلم يحي قلوب الميتين كما تحيا البلاد إذا ما مسها المطر
والعلم يجلو العمى عن قلب صاحبه كما يجلي سواد الظلمة القمر
المثل العربي يقول (العلم في الصغر كالنقش في الحجر) ولقد لفت نظري في المملكة المغربية حيث أسكن في الدار البيضاء منظر الأمهات وهن ينتظرن أبنائهن وبناتهن الصغار خارج المسجد وهو منظر مألوف لدى أهل المغرب ولكن بالنسبة لي يبدو مستغربا وعندما سألت عن هذا المنظر الذي رأيته كانت الإجابة أنه نظام الكتاتيب الذي لازال معمولا به في المغرب إلى الآن وكان معمولا به في الكويت والدول العربية ولكنه اندثر وأصبح من الماضي .

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

الأهالي في المغرب لازالوا يحرصون أن يتعلم أطفالهم القرآن واللغة العربية في المسجد وقلة منهم من يعلم أطفاله في الروضة ونظام الكتاتيب سائد في القرى فليس هناك نظام الروضة ولكن في المدن المواطن المغربي مخير أن يدرس أبناءه في الروضة أو في الكتاتيب التي عادة ماتكون في المساجد والأغلبية تحرص على نظام الكتاتيب لأنها تريد أن يكون الطفل ملما بالقرآن وحفظ قصارى الصور والتجديد وتعاليم الإسلام وأحكامه.

إن المساجد في المغرب تخضع لإشراف وزارة الأوقاف ويقصد هنا أن المنهج في نظام الكتاتيب معتمد رسميا ويحصل فيه الطالب على شهادة تؤهله للالتحاق بالمرحلة الابتدائية التي تبدأ من سن السابعة وليس السادسة ولذلك قد تمتد مرحلة الكتاتيب أو الكتاب كما يطلقون عليها في المغرب إلى ثلاث سنوات وهي كفيلة بأن يكون الطلبة الصغار لديهم أساس قوي ومتين في علوم القرآن مما ينعكس على مستوى الطلبة في المراحل الأخرى وكذلك على مستقبل الأجيال لأن العلم مثل البنيان ينهار إن لم يكن أساسه قويا .

نعتقد أن نظام الروضة المعمول به في الكويت من أهم أسباب تدهور التعليم في الكويت فهو لا يرتقي بمستوى الطلبة الصغار ولا يعتبر أساس قوي للمراحل الأخرى مثل الابتدائي والمتوسط والثانوي وهو مجرد تسلية وإضاعة وقت الأطفال في اللهو واللعب وهي تجربة مريت بها عندما كانت ابنتي الصغيرة في الروضة فهي لم تتعلم شيئا وعندما سألت مديرة المدرسة عن المنهج قالت لايوجد منهج وإنما هو نظام لتهيئة الطالب على أجواء المدرسة والالتزام حتى لا يكون متفاجئا عندما يلتحق بالمرحلة الابتدائية علاوة على أنه ليس إجباريا فليس هناك أي متابعة أو محاسبة على الغياب والحضور والطالب ينهي مرحلة الروضة وهو ضعيف في اللغة العربية ولا يحفظ من قصارى السور شيئا .

الملاحظ على مرحلة الروضة في الكويت أن هناك فائض في المدرسات في مرحلة الروضة وصل إلى 1000 مدرسة لأن أغلب المدرسات يخترن الروضة لأنها مريحة فلا يوجد بها تعليم وإنما إشراف فقط على الأطفال وهم يلهون ويلعبون ولو حسبنا رواتب المدرسات فقط في الروضة وخاصة بعد إقرار الكادر لوجدنا أنها تلتهم جزءا كبيرا من ميزانية وزارة التربية بدون أي عائد تربوي ملموس.

إن نظام الكتاتيب لا تتحمل فيه الحكومة في المغرب شيئا سوى رواتب المدرسين الذين هم غالبا يكونون أئمة مساجد ومؤذنين يعني وزارة التربية لاتتحمل شيئا علاوة على أن الأهالي يدفعون للحكومة رسوما زهيدة مقابل التحاق أبنائهم في الكتاب الذي يستفيد منه الطلبة كثيرا .

إن نظام الكتاب ليس له علاقة بحلقات حفظ القرآن التي غالبا ماتنظمها لجان خيرية بعيدا عن مراقبة وزارة التربية أو الأوقاف كما هو معمول في الكويت ولا توجد في المغرب حلقات لحفظ القرآن وهم يكتفون فقط بنظام الكتاتيب وذلك لأسباب أمنية لأن كثيرا من حلقات حفظ القرآن تعطي مفاهيم خاطئة عن الدين للأطفال ولعل من المفيد القول إن حركة طالبان الإرهابية في أفغانستان وباكستان هي نتاج لحلقات حفظ القرآن وأغلبهم كانوا من طلبة حلقات حفظ القرآن.

إن نظام الكتاتيب أو الكتاب هو تجربة ناجحة وفريدة من نوعها فهي لا توجد إلا في المغرب وكما ذكرنا فقد اندثرت في الدول الأخرى وأقترح إحياء هذا النظام وفكرة تعليم القرآن واللغة العربية في المساجد عوضا عن نظام رياض الأطفال وذلك لضرب عصفورين بحجر فهو أولا نظام لايكلف وزارة التربية شيئا ويوفر كثيرا على الحكومة وينشئ جيلا على دراية بعلوم القرآن واللغة العربية أفضل من جيل يتخرج من الثانوية ولا يعرف أن يكتب جملة مفيدة في اللغة العربية علاوة على جهله بعلوم القرآن وأحكام الدين وعدم حفظه لما تيسر من قصارى السور فهل تنظر لجنة الظواهر السلبية بهذا المقترح بدلا من الجدل والخلاف حول من يكون رئيسا للجنة وإضاعة وقت المجلس في قضايا هامشية هي محل تندر وسخرية ؟!

منبر

أحمد بودستور
كاتب كويتي
كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال