توصلت دراسة أنجزها مركز حقوق الناس /المغرب إلى أن تطويق ظاهرة زواج القاصرات يتطلب تغيير البنيات الذهنية، "عير خلخلة كثير من الترسبات الفكرية والاعتقادات اليقينية".
وصنفت الدراسة التي قدمت، مساء الثلاثاء بفاس ، هذا الإجراء ضمن الحلول بعيدة المدى لمحاربة مزاعم تفيد بأن زواج القاصرات "أمر محمود بناء على تأويلات جامدة للنصوص القرآنية أو وقائع حياة الرسول (صلعم) دون تمحيص".
وأنجز الدراسة التي تمحورت حول "أسباب انتشار ظاهرة تزويج الطفلات القاصرات بجهة فاس مكناس"، الأستاذ الجامعي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس أحمد شراك لحساب المركز.
وشملت هذه الوثيقة عينات من مدن فاس ومكناس وصفرو وبولمان التي أجرى بها الباحث لقاءات مع نماذج محلية، أفضت إلى صياغة مقترحات لتطويق هذه الظاهرة.
ومن هذه المقترحات، ضرورة تحسين أوضاع المجتمع ، كحل متوسط المدى ، وعلى رأسه البادية المغريية من خلال محاربة البطالة والهدر المدرسي والهشاشة الاجتماعية.
إلا أن الدراسة شددت على إجراء آني يتمثل في التصدي للثغرات التي اعترت تطبيقات مدونة الأسرة على أرض الواقع مؤكدة أنه يمكن تجاوز أوجه القصور هاته "بواسطة روح الإجماع بين الفاعلين ومن ضمنهم العلماء وأهل القانون والمجتمع المدني".
وأكدت كذلك على ضرورة القيام بحملات تحسيسية دائمة من أجل تعميم محاربة الظاهرة بطرق ببداغوجية سهلة حتى يتمكن الجميع من فهمها وإدراك مراميها ومكاسبها بالنسبة للأسرة المغربية، "في أفق مجتمع ديمقراطي حداثي يؤمن بدولة الحق والقانون والمساواة بين الجنسين".
وساقت الدراسة التي اعتمدت آليات منهجية مترابطة على المستوى الميداني والنظري، أرقاما دالة تضمنتها السجلات القضائية لجهة فاس-مكناس، وتبين بأن الزواج دون سن الأهلية له حضور قوي في اوساط الساكنة.
ووفق هذه السجلات، "فإن سنة 2015 عرفت 852 حالة زواج قاصر بالمحكمة الابتدائية بمدينة فاس، و730 حالة مماثلة ببولمان/ميسور، و316 بمدينة صفرو".
ومهد رئيس مركز حقوق الناس/ المغرب جمال الشاهدي الوزاني لحفل تقديم الدراسة بمداخلة أكد فيها أن ظاهرة تزويج القاصرات تهم كافة الدول العربية وليس المغرب وحده، مضيفا أن انتشارها أفرز أمهات عازبات وهن طفلات، مما يولد إشكاليات اجتماعية جمة.
وقدمت الدراسة بحضور فاعلين حقوقيين ، ومساعدات اجتماعيات بخلايا مناهضة العنف التابعة للمحاكم الابتدائية بالجهة، ومحكمة الاستئناف بفاس، ومصالح الأمن والدرك الملكي والصحة بالجهة.
وتأسس مركز حقوق الناس سنة 1999 بهدف تعزيز دولة الحق والقانون عبر التربية والنهوض يحقوق الإنسان، والقيام بدراسات وأبحاث في المجال، ودعم حقوق الإنسان الخاصة والفئوية، والتربية على المواطنة والديمقراطية.