تطرق الملك الراحل الحسن الثاني في كتابه "ذاكرة ملك" لجذور الخلافات بين كوبا والمغرب، منذ فترة الستينات بسبب انتماء البلدين إلى معسكرين متعارضين، هما المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
وذكر الحسن الثاني أن لقاءا ثنائيا جمعه بالزعيم الكوبي الراحل فيديل كاسترو في شهر أبريل من سنة 1963 بالرباط خلال توقف كاسترو في مطار "الرباط ـ سلا"، في رحلته بين هافانا وموسكو، حيث كانت الخطوط الجوية السوفياتية التي تؤمن الرحلات بين موسكو وهافانا تتوقف بالرباط.
وقال الملك في كتابه إن اللقاء الذي جمعه مع كاسترو تم برغبة من هذا الأخير، واستغرقه النقاش الآيديولوجي وأنهما تناولا وجبة الفطور معا. ووصف الملك الراحل كاسترو بأنه كان "رجلا مصمما على عدم الاقتناع الا برأيه رأيه، صاماً أذنيه عن كل المحاولات"، ولاحظ الملك الراحل قائلا "وأعتقد انه ذهب بعيدا في تعهداته، وكان يدرك أن الإخلال بالالتزامات يكون أحيانا أكثر أذى من مجرد التمسك بخيار معين".
وبعد بضعة أشهر من هذا اللقاء، اندلعت حرب الرمال بين المغرب والجزائر في شهر أكتوبر من سنة 1963، فقرر الرئيس الكوبي الوقوف إلى جانب الجزائر معلنا عداوته الصريحة لنظام الحسن الثاني، فمع تسجيل تفوق على الأرض للجيش المغربي سارع الرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة الذي كان آنذاك وزيرا للخارجية، إلى طلب المساعدة من سفارة كوبا في الجزائر، وهو ما استجاب له كاسترو ووافق على تقديم مساعدات عسكرية للجيش الجزائري.
المهدي بن بركة..سبب آخر للخلاف
بعد عامين من لقائهما بالرباط، وفي شهر شتنبر من سنة 1965، وعندما كان المهدي بن بركة في العاصمة الكوبية هافانا للتحضير لمؤتمر القارات الثلاث، كشف له كاسترو بحسب ما يحكي كتاب "صديقنا الملك" لجيل بيرو أنه تعرض لضغط شديد من الحسن الثاني بهدف إبعاده عن رئاسة المؤتمر.
نفس المعلومة أوردها كتاب "الحسن الثاني..ديغول..بن بركة ما أعرف عنهم" لصاحبه موريس بوتان، الذي جاء فيه أن الحسن الثاني أرسل مبعوثا إلى الرئيس الكوبي كاسترو يخيره بين التخلي عن دعم المعارض المهدي بنبركة، أو إلغاء اتفاق موقع مع كوبا يستورد المغرب بموجبه 150 ألف طن من السكر سنويا. لكن الرئيس الكوبي لم يستجب لطلب الحسن الثاني.
وشكلت الحرب الأهلية الأنغولية التي اندلعت سنة 1975، نقطة خلافية أخرى بين المغرب وكوبا، حيث قررت كوبا التدخل عسكريا لدعم "الحركة الشعبية لتحرير أنغولا" ذات الميول اليسارية، فيما فضل المغرب الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الإفريقية التي قررت دعم اثنين من الحركات الأخرى المتنافسة على السلطة في البلاد.